×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

العلم. فهذا توجيه الوقفين في الآية.

{وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ، هذا إذا كان المراد ما يؤول إليه الشيء في المستقبل القريب أو البعيد، الدنيا أو الآخرة.

{وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ [آل عمران: 7] هذا إذا أريد به التفسير، فإن العلماء يعلمون تأويل القرآن أي: تفسير القرآن.

{كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ [آل عمران: 7] المحكم والمتشابه. ومادام كله من عند الله فيُرَد المتشابه إلى المحكم حتى يوضحه، ولا يُقطَع هذا عن هذا.

أما الذين في قلوبهم زيغ فهم قطعوا المتشابه عن المحكم، وأخذوا بالمتشابه فقط. والراسخون في العلم أخذوا بالاثنين: بالمحكم وبالمتشابه.

{وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ [آل عمران: 7] الألباب: جمع لُب، وهو العقل. فأهل العقول السليمة هم الذين يتذكرون بالقرآن وينتفعون به ويستدلون به على الوجه الصحيح، ويعملون به، هؤلاء هم أولو الألباب.

أما أهل الزيغ فإنهم ليسوا من أصحاب العقول؛ ولذلك قطعوا كلام الله بعضه عن بعض.

ثم لما رأى الراسخون في العلم طريقة أهل الزيغ سألوا ربهم أن يجنِّبهم إياها. وهذا فيه دليل على أن الإنسان لا يزكِّي نفسه.

فالراسخون في العلم لم يأمنوا من الزيغ وأن يكونوا مثل هذا الصنف؛ {رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا [آل عمران: 8] قد يزغ الإنسان بعد هدى، وقد يكفر بعد إيمان، وقد يضل بعد هداية، فالإنسان لا يأمن


الشرح