×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

على نفسه مادام على قيد الحياة، لا يأمن من الانحراف، وكم من مؤمن كفر، وكم من تقي زاغ، وكم من مهتدٍ ضل، «إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» ([1])، وقد يعاقب الله الإنسان بذنوبه فيزيغ قلبه، والعياذ بالله، {كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ [المطففين: 14]، تعمى بصيرته.

فالإنسان على خطر ولو كان من الراسخين في العلم، فكيف بمَن هو دونهم؟! فلا يزكِّي نفسه ويمدح نفسه ويأمن الزيغ.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

لو شاء ربك كنتَ أيضًا مثلهم

 

فالقلب بين أصابع الرحمنِ ([2])

ربما تصاب مثلما أصيبوا، وتضل كما ضلوا؛ فلذلك تدعو الله أن يثبتك على الحق.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَوَ تَخَافُ؟ قَالَ: «وَمَا يُؤْمِنِّي، وَقُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عَبْدٍ قَلَّبَهُ» ([3]).

ويجب على الإنسان أن يتجنب أهل الشر ولا يستمع إليهم ولا يجلس معهم ولا يذهب معهم ولا يأنس بهم، بل يتجنبهم لئلا يصيبه ما أصابهم، وتنتقل عدواهم إليه؛ فجلساء السوء خطر على الإنسان.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (12107)، والترمذي رقم (2410).

([2])  الكافية الشافية (ص 20).

([3])  أخرجه: أحمد رقم (26133)، والآجري في الشريعة رقم (733).