×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 فالآيات المتشابهات لا تؤخذ وحدها ويُستدل بها، وإنما تُرَد إلى المحكمات لتفسرها. وهذا الرد يحتاج إلى علم غزير، ومعرفة بكلام الله جل وعلا وأسراره ومعانيه وألفاظه وجمله وحروفه.

فرَدُّ المتشابهات إلى المحكمات يحتاج إلى علم غزير، لا يستطيعه المتعالم، ولا يستطيعه المضلل والزائغ.

·        والناس انقسموا حيال المحكم والمتشابه إلى قسمين:

قسم: هم الراسخون في العلم، المتمكِّنون من العلم، المتمرِّسون في التفسير، المتشبعون من العلم، الذين أتعبوا أنفسهم واستغرقوا أوقاتهم في فَهْم القرآن، فالقرآن ليس بالسهل فَهْمه، بل يحتاج إلى وقت، ويحتاج إلى صبر؛ ولهذا يُروى أن عمر رضي الله عنه مكث في سورة البقرة سنين يحفظها ويتدبرها حتى أتقنها. وهذا من الرسوخ في العلم، فالراسخون في العلم يَرُّدون المتشابه إلى المحكم ولا يستدلون بالمتشابه وحده، بل يردونه إلى المحكم ويفسرونه بالمحكم.

وقال سبحانه في الصنف الآخَر: {فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ [آل عمران: 7] يعني انحراف عن الحق، وإرادة الباطل وعدم إرادة الحق، {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ [آل عمران: 7] يأخذون بالمتشابه ولا يَرُدونه إلى المحكم؛ لأنهم يعلمون أنهم لو ردوه إلى المحكم تبين المراد منه، وهم لا يريدون ذلك، وإنما يريدون أن يضللوا الناس، ويقولون: نحن نستدل بالقرآن. فنقول: كذبتم، لم تستدلوا بالقرآن، وإنما الذي يَستدل بالقرآن يَرُد المتشابه إلى المحكم، أما أنك تأخذ آية محتملة لعدة معانٍ وتفسرها على رغبتك، وتقطعها عن المحكم الذي يبينها، فهذا ليس استدلالاً بالقرآن، وإنما هو استدلال بالهوى، والقرآن بريء من هذه الطريقة.


الشرح