ولهذا قال سبحانه وتعالى:
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ﴾ [آل عمران: 7] أي: من القرآن، ولا يَرُدونه إلى المحكم؛
لأن المحكم يفضحهم ويبين زيغهم وزيفهم وضلالهم، فهم لا يريدون ذلك، وإنما يريدون
المتشابه.
والله
جل وعلا يقول في القرآن: {يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ وَمَا
يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ﴾
[البقرة: 26].
والزيغ
والفسق بمعنى واحد، وهو الخروج عن طاعة الله سبحانه وتعالى.
والفاسقون
أضلَّهم الله، لماذا؟ لفسقهم، فهم السبب، والفاسقون هم {ٱلَّذِينَ
يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ
بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ﴾ [البقرة:
27].
فالله
أَمَر أن يوصل المتشابه بالمحكم، وهؤلاء يقطعون ما أَمَر الله به أن يوصل، فيأخذون
المتشابه ويقولون: نحن نستدل بالقرآن. وقد كذبوا في ذلك فإن القرآن بريء منهم.
{يُضِلُّ بِهِۦ
كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ﴾
[البقرة: 26]، وهل القرآن يُضِل؟ نعم، مَن استدل به على غير وجهه ضل.
{وَإِذَا مَآ
أُنزِلَتۡ سُورَةٞ فَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ
إِيمَٰنٗاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَهُمۡ
يَسۡتَبۡشِرُونَ ١٢٤ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُواْ
وَهُمۡ كَٰفِرُونَ ١٢٥﴾
[التوبة: 124-125].
والزيغ والمرض من آفات القلوب، لما قَطَعوا الآيات المتشابهات عن الآيات التي تبينها؛ زادهم هذا الفعل - والعياذ بالله - رجسًا إلى رجسهم. فهذا أمر يجب التنبه له عند الاستدلال بالقرآن.