وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ
بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ﴾
[البقرة: 234]. فهذه الآية ناسخة للآية التي بعدها، فأنت لم تستدل بالقرآن، أنت
استدللت بشيء منسوخ، ولا يجوز الاستدلال بالمنسوخ وتَرْك الناسخ.
ولو
جاءك أحد من هؤلاء وقال: الخمر حلال؛ لأن الله جل وعلا يقول:
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُواْ
مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: 43]. فلم يحرم
الخمر إلا في الصلاة فقط، فالقرآن يدل على أن الخمر إنما يحرم في حالة الصلاة.
نقول
له: كذبت؛ هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ
رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ
بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ
وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ ٩١﴾ [المائدة: 90- 91].
فهذه
الآية ناسخة لآية سورة النساء، وقد حرم الله فيها الخمر في كل وقت تحريمًا قاطعًا
باتًّا.
وما
في الآية التي في سورة النساء إنما هو من باب التدرُّج في التشريع:
فالله
أولاً قال: {يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ
فِيهِمَآ إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن
نَّفۡعِهِمَاۗ﴾ [البقرة: 219] بَيَّن الله
أن إثم الخمر أكبر من نفعها، والعاقل لا يأخذ المنفعة القليلة بجانب المضرَّة
الكبيرة. فهذه أول خطوة في تحريم الخمر.
والخطوة
الثانية: {لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ﴾ [النساء: 43]، فحرمها في الصلاة.
والآية الثالثة حاسمة وقاطعة: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ