×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

قال تعالى: {فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ [التوبة: 55]، فتكون الأموال والأولاد شقاءً على أهلها.

وهنا يقول جل وعلا: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ [آل عمران: 10] هذا خبر مؤكَّد من الله جل وعلا، وهو أصدق القائلين.

والكفر في اللغة: يراد به التغطية.

وأما في الشرع: فالكفر هو الجحود. إما أن يجحد وجود الله جل وعلا، ويكون من الملاحدة الذين لا يؤمنون برب ولا بخالق. أو يكون مشركًا يؤمن بالرب ويؤمن بالخالق لكنه يشرك به في عبادته سبحانه وتعالى.

وسواء كان كافرًا لا يؤمن برب أو كان مشركًا يؤمن بالرب ولكن لا يُخلص له العبادة، وإنما يعبد معه غيره من الأصنام والأشجار والأحجار والأضرحة والقبور... وغير ذلك؛ فهذا كافر، إما كفر جحود وإما كفر شرك، وهذا أخبر الله عنه أنه يوم القيامة مهما كان عنده من الأموال في الدنيا ومهما كان له من الأولاد، فإنها لن تغني عنه من الله شيئًا.

فإنهم إذا ماتوا خرجوا من هذه الدنيا بدون عمل صالح، وتركوا أموالهم وأولادهم؛ فانقطعت عنهم وانقطعوا عنها، فلا تنفعهم عند الله سبحانه وتعالى.

وهذا رَدٌّ على الذين يقولون: «إذا كنا في هذه الدنيا أصحاب أموال وأصحاب ثروات وأرصدة وعندنا أولاد؛ فإننا في الآخرة أيضًا نكون سعداء كما كنا في هذه الدنيا سعداء».

فيقيسون الآخرة على الدنيا، هذا قياس باطل، مثل الذي قال تعالى فيه: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا ٣٥


الشرح