×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 ورجعوا بالأسرى، رجعوا بسبعين أسيرًا، وقَتَلوا أكابر الكفار في بدر، وانهزم المشركون هزيمة ذريعة تسامعت بها العرب، فوقع الرعب في قلوب الكفار في كل مكان بهذه الوقعة العظيمة وقعة بدر.

فذَكَّر الله المشركين بهذه الوقعة العظيمة، فقال سبحانه: {قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَايَةٞ فِي فِئَتَيۡنِ [آل عمران: 13]، فئة المسلمين وفئة الكفار، {ٱلۡتَقَتَاۖ [آل عمران: 13] في بدر،{فِئَةٞ تُقَٰتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ [آل عمران: 13] وهم المؤمنون؛ لإعلاء كلمة الله؛ {وَأُخۡرَىٰ كَافِرَةٞ يَرَوۡنَهُم مِّثۡلَيۡهِمۡ رَأۡيَ ٱلۡعَيۡنِۚ [آل عمران: 13] في العَدَد؛ لأن الكفار يقربون من الألف، والمسلمون ثلاثمائة وبضعة عَشَر فقط.

{يَرَوۡنَهُم مِّثۡلَيۡهِمۡ رَأۡيَ ٱلۡعَيۡنِۚ فالمسلمون يرون الكفار أكثر منهم عددًا. وقيل المعنى: الكفار يرون المسلمين مثليهم. فالله كَثَّر المسلمين في أعين الكفار حتى يَرهبوا.

{وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن يَشَآءُۚ [آل عمران: 13]. فقبل المعركة، المسلمون يرون الكفار مثليهم لأجل أن يستعدوا ويعتصموا بالله! والكفار يرون المسلمين أيضًا مثليهم لأجل أن يَرهبوا! فالله أرى كلًّا من الطائفتين الأخرى أنها مثلاها. وهذا قبل المعركة، ولما دارت المعركة قَلَّل الله عدد المسلمين في أعين الكفار، وقَلَّل عدد الكفار في أعين المسلمين، قال تعالى: {وَإِذۡ يُرِيكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَيۡتُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِكُمۡ قَلِيلٗا وَيُقَلِّلُكُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِهِمۡ لِيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗاۗ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ [الأنفال: 44].

قبل المعركة كل فريق يرى أن مقابله أكثر منه. وأما وقت المعركة فكل فريق يرى أن مقابله أقل منه؛ حكمةً من الله سبحانه وتعالى. وانتهت المعركة بالنصر المؤزر للمسلمين، والهزيمة على الكفار.


الشرح