×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

وعلمت قريش بذلك، لكن حَمَلهم الأَشَر والبَطَر على أن يستمروا في سيرهم، والله هو الذي ساقهم، وعزموا على أن يستمروا في سيرهم وينزلوا في بدر، ويعملوا الفرح والسرور والبذخ والأكل والشرب، وتعزف على رءوسهم القَيْنات والمغنيات حتى يتسامع بهم العرب.

والرسول صلى الله عليه وسلم وصل إلى بدر، والكفار وصلوا إلى بدر، وتقابلوا من غير ميعاد، لكن الله هو الذي أتى بهم من غير ميعاد، قال تعالى: {إِذۡ أَنتُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلۡقُصۡوَىٰ [الأنفال: 42]. يعني: عُدْوَتَيِ الوادي، {وَٱلرَّكۡبُ أَسۡفَلَ مِنكُمۡۚ [الأنفال: 42] الركب: هو العير، سار مع الطريق الأسفل من جهة البحر، {وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ وَلَٰكِن لِّيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗا [الأنفال: 42]، فالله أراد ذلك سبحانه وتعالى.

ولما عَلِم النبي صلى الله عليه وسلم أن العير أفلتت وأن الكفار حضروا ومعهم القوة والبأس، والرسول ليس معه إلا عدد قليل، وأيضًا ليس معه استعداد يكفي؛ استشار صلى الله عليه وسلم أصحابه: هل يقاتلهم أو يرجع؟ فأشاروا عليه بالقتال. فعَزَم صلى الله عليه وسلم على القتال، وبات يدعو ربه كل الليل بالنصر، كما ذكر الله جل وعلا ذلك.

فلما أصبح صلى الله عليه وسلم صفَّ أصحابه أمام الكفار، وصَفَّ الكفارُ جنودهم، وتقابل الجيشان وتقاتلوا في بدر، وأنزل الله الملائكة، وأنزل مطرًا يلبد الأرض تحت أقدام المسلمين حتى يَثبتوا، ثم أنزل الملائكة تشجَّع المسلمين وتُرهب الكفار.

فانتصر المسلمون على الكفار، فقَتلوا منهم سبعين، وأَسَروا منهم سبعين، وغَنِموا ما معهم من القوة ومن العتاد ومن المواشي، وقُتل أكابر الكفار: أبو جهل وعُتبة وشَيبة. فرجع المسلمون بالغنائم،


الشرح