وهذه
سُنة الله في الكفار من قديم الزمان، فلا يغتر الكفار اليوم من اليهود والنصارى
والشيوعيين والملاحدة، لا يغتروا بما فتح عليهم من الاختراعات والصناعات، فإنها
سترجع عليهم في يوم من الأيام، فالقوة إذا خلت من الإيمان فإنها تكون عقوبة على
أصحابها.
وهذا
خبر من الله جل وعلا تحقق قريبًا في وقعة بدر، أول وقعة في الإسلام، يوم الفرقان
الذي فَرَّق الله فيه بين الحق والباطل.
وذلك
أن المشركين لما أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسلبوا أموالهم
وديارهم، وذهبوا إلى المدينة ليس معهم شيء، فصاروا عند إخوانهم من الأنصار الذين
آوَوهم ونصروهم.
والنبي
صلى الله عليه وسلم أراد أن يعوِّض المسلمين عما افتقدوه من أموالهم من أموال الكفار؛
لأن هذا من الانتصار من الظالم، فالكفار ظلموهم وأخذوا أموالهم وديارهم وأولادهم،
حتى أُخرجوا مجرَّدين، فكان الكفار ظلمة جبابرة!
والنبي
صلى الله عليه وسلم أراد أن يعوِّض المسلمين من أموال الكفار الظلمة، فلما عَلِم
أن عيرًا قَدِمت من الشام معها أموال لقريش، خرج صلى الله عليه وسلم بعدد قليل من
أصحابه يَبلغون ثلاثمائة وبضعة عَشَر، ليس معهم إلا ركائب قليلة، الثلاثة يتعاقبون
على الراحلة الواحدة، وليس معهم سلاح يكفي، وليس معهم خيل، ولم يخرجوا لقتال؛
وإنما خرجوا ليعترضوا القافلة ويأخذوا ما فيها من الأموال.
والكفار لما علموا بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم جَمَعوا كيدهم وقوتهم وبأسهم، وخرجوا يريدون حماية العير. ولكن قائد القافلة - وهو أبو سفيان بن حرب - لما عَلِم بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم غَيَّر الطريق الذي عليه المسلمون يترصَّدون له، وذهب مع طريق الساحل ونجا بالعير.