{وَٱلَّذِينَ
مِن قَبۡلِهِمۡۚ﴾ [آل
عمران: 11] من الأمم الكافرة؛ كعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم نوح من قبل، أمم كفرت
بالله فأهلكها الله ولم تنفعها أموالها ولا أولادها.
فهؤلاء
الكفار الذين آذَوا محمدًا صلى الله عليه وسلم صفتهم وسجيتهم كصفة أولئك، وسيحل
بهم ما حل بأولئك لما {كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَا﴾
[آل عمران: 11] كما كذب هؤلاء المشركون من قريش وغيرهم حين كذبوا بآيات الله التي
جاء بها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{بَِٔايَٰتِنَا﴾القرآنية لأنها مُنزَّلة من عند الله.
{فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ
بِذُنُوبِهِمۡۗ﴾ [آل عمران: 11] ولم يظلمهم
الله جل وعلا، لم يأخذهم بغير ذنوب، فالعقوبة إنما تكون على الذنوب.
فهذا
تحذير لكل عاقل أن يقلع عن الذنوب ويبتعد عنها؛ لئلا تهلكه كما أهلكت الأمم
السابقة.
{فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ﴾ عاقبهم الله جل وعلا.
{وَٱللَّهُ
شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [آل
عمران: 11] لا يطاق عقابه ولا يُمنع، وليس عقابًا يُتحمل، ولكنه عقاب شديد، قال
تعالى: {وَكَذَٰلِكَ
أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِيَ ظَٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥٓ
أَلِيمٞ شَدِيدٌ﴾ [هود:
102] {أَلِيمٞ﴾ مؤلم، و {شَدِيدٌ﴾:
قوي.
ثم قال لهؤلاء المشركين الذين وقفوا في وجه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه المؤمنين، وآذَوهم وساموهم سوء العذاب: {سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾ [آل عمران: 12] أي أن هؤلاء سبيلهم سبيل مَن قبلهم، ولن تنفعهم قوتهم، فلم تنفع القوة قوم نوح عليه السلام ولا قوم هود عليه السلام ولا قوم صالح عليه السلام ولا فرعون ولا غيره من الجبابرة، لم تنفعهم قوتهم. فالقوة إذا لم يكن معها إيمان بالله، فإنها تكون في نحور أصحابها يَرُدها الله عليهم.