×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

وهم الذين ذكرهم الله في الآية الأولى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ وَقُودُ ٱلنَّارِ [آل عمران: 10]. هذا خبر، والخبر الثاني: قل لهم أيضًا: {سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ [آل عمران: 12].

مهما كان عندكم من القوة، ومهما كان عندكم من العَتاد، فإنكم ستُغلبون؛ لأن القوة مهما بلغت مع عدم الإيمان لا تنفع ولا تغني شيئًا ومآلها إلى الهزيمة.

وهذا خبر من الله سبحانه وتعالى، لما تطاولوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه في مكة حتى أخرجوهم منها، وهاجروا إلى المدينة، ثم صاروا يحيكون الدسائس للقضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالله طمأن رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فقال لرسوله: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ [آل عمران: 12].

وقد تحقق وعد الله سبحانه وتعالى قريبًا، فغُلبوا في أول وقعة وقعت بينهم وبين المسلمين -وهي وقعة بدر- مع قوتهم وكثرتهم وقوة عَتادهم وقلة عدد المسلمين وضعف المسلمين، مع هذا غُلب الكفار وانتصر المسلمون.

ثم قال تعالى: {كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِ‍َٔايَٰتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ [آل عمران: 11].

{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ أي: مِثْلهم. و: أتباع فرعون. {فِرۡعَوۡنَو هو الجبار الذي مَلَك مصر وادعى الربوبية، {فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ [النازعات: 24]، وعنده من القوة ما عنده مما غره وأغراه، وتكبر على الحق وكفر بالرسولين موسى وهارون عليهما السلام.

وهؤلاء الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم دأبهم كدأب آل فرعون.


الشرح