وتحقق
قول الله جل وعلا: {سَتُغۡلَبُونَ﴾ [آل عمران: 12]. فغُلبوا، ولم يقف الحد عند الهزيمة
والغلبة، وإنما {وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ﴾ [آل عمران: 12] هزيمة في الدنيا ونار في الآخرة،
والعياذ بالله، {وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾
[آل عمران: 12] بئس الفراشُ النارُ.
{وَٱللَّهُ
يُؤَيِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن يَشَآءُ﴾
[آل عمران: 13] يؤيد، أي: يُقوِّي، {بِنَصۡرِهِۦ﴾
فالنصر من عند الله جل وعلا، وليس النصر بالسلاح والقوة وكثرة الجنود، بل النصر من
عند الله يهبه لعباده المؤمنين وإن كانوا قلة، إذا صَدَقوا وصبروا.
نعم،
قد يحصل للمسلمين هزيمة على أيدي الكفار كما حصل في وقعة أُحُد، وهذا بسبب مِن
قِبل المسلمين، لما حصل من المسلمين خلل ومعصية فالله جل وعلا عاقبهم وهزمهم أمام
عدوهم؛ تهذيبًا لهم وتعليمًا لهم وتمحيصًا لهم.
فالمسلمون
قد ينهزمون أمام الكفار لسبب من عند أنفسهم؛ {أَوَلَمَّآ
أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ
قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [آل عمران: 165]، {وَلَقَدۡ
صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ﴾ [آل عمران: 152] يعني: تقتلونهم، {حَتَّىٰٓ إِذَا
فَشِلۡتُمۡ وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَآ
أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ
ٱلۡأٓخِرَةَۚ ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ وَلَقَدۡ عَفَا
عَنكُمۡۗ﴾ [آل عمران: 152].
الله جل وعلا عفا عنهم وأخبرهم بذلك لئلا يحزنوا. وهذه بُشرى من الله للمؤمنين، بعد التأديب لهم عفا الله عنهم.