×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ [آل عمران: 13] يعني البصائر والعقول؛ لتعلموا أن القوة لا تنفع وحدها، بل لابد من الإيمان، فمع الإيمان الصحيح ولو كانت القوة قليلة فإن الله يمنح النصر لأهله، {كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ [البقرة: 249]

المسلمون الآن في غاية الضعف، والكفار في غاية القوة. ولكن المسلمين إذا صَدَقوا مع الله وصبروا على إيمانهم وثبتوا على دينهم؛ فإن العاقبة لهم. والكفار وإن أُعطوا من القوة ما أُعطوا، فإنَّ مَرَدَّهم إلى الهزيمة والخَسارة في الدنيا والآخرة. هذه سُنة الله سبحانه وتعالى؛ {وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوٓاْۚ إِنَّهُمۡ لَا يُعۡجِزُونَ [الأنفال: 59]، فالله جل وعلا وإن أعطى الكفار واستدرجهم، فإن هذا لا ينفعهم ولا يستمر لهم ما هم فيه. أما المؤمنون إذا صَدَقوا مع الله فهم على خير، {وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ [الأعراف: 128].

ثم قال سبحانه وتعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَ‍َٔابِ [آل عمران: 14].

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ أي: هذه الأمور مقبولة عند أصحاب النظرة القريبة، الذين لا ينظرون للعواقب، فهم يغترون بهذه الزخارف.

وهذه طبيعة البشر، أنهم يحبون الشهوات إلا مَن أعطاه الله إيمانًا وبصيرة؛ فإنه ينظر إلى المستقبل وأن هذه الشهوات وإن كانت لذتها عاجلة، فعاقبتها وخيمة وعاقبتها سيئة.


الشرح