×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٨٢ أَفَغَيۡرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ ٨٣ [آل عمران: 81-83].

فالله جل وعلا أَخَذ الميثاق على الأنبياء جميعًا، أنه إذا بُعِث محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم أحد موجود، فإنه يَتَّبع محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ لأنه رسول الله إلى العالمين، إلى الجن والإنس، بشيرًا ونذيرًا، عليه الصلاة والسلام؛ قال تعالى: {وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ [الأنبياء: 107]، وقال تعالى: {وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا [سبأ: 28]، وقال تعالى: {قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۖ فَ‍َٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلۡأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ [الأعراف: 158].

ثم قال جل وعلا: {وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۗ [آل عمران: 19]. فأهل الكتاب - وهم اليهود والنصارى الذين خالفوا محمدًا صلى الله عليه وسلم وأبَوا أن يتبعوه - ما خالفوه عن جهل، وإنما خالفوه عن علم بأنه رسول الله وأنه يجب عليهم اتباعه، {ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ ١٤٦ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ ١٤٧ [البقرة: 146، 147].

فأهل الكتاب الذين أبَوا أن يتبعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ قامت عليهم الحُجة؛ لأنهم يعلمون أنه رسول الله وأنهم مأمورون باتباعه، ولكن مَنَعهم البغي والحسد والاستكبار عن الحق.

{وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۗ [آل عمران: 19] هذا هو السبب؛ الكِبْر والحسد، هو الذي حملهم على ألا يتبعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم.


الشرح