×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

ثم توعَّدهم فقال جل وعلا: {وَمَن يَكۡفُرۡ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ [آل عمران: 19] فهذا فيه الوعيد للعالِم الذي لا يعمل بعلمه من أهل الكتاب وغيرهم، فكل عالِم لا يعمل بعلمه فعليه قسط من هذا الوعيد؛ لأن الواجب على العالِم أن يعمل بعلمه.

وعالم بعلمه لم يعملنْ

 

مُعَذَّب من قبل عُبَّاد الوثنْ

ويوم القيامة يبدأ بأهل العلم الذين لم يعملوا بعلمهم، فيُسحبون إلى النار.

ثم قال جل وعلا: {فَإِنۡ حَآجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّهِ [آل عمران: 20]. {حَآجُّوكَ يعني: جادلوك.

لما بَيَّن الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم على الحق، وأن مَن خالفه من أهل الكتاب وغيرهم فإنه على باطل، فلا يهتم بهم ولا يلتفت إليهم، ويمضي في طريقه في الدعوة إلى الله عز وجل.

{فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّهِ [آل عمران: 20] أي: أنا لا ألتفت إلى مجادلاتكم ومناظراتكم الباطلة؛ لأنكم تجادلون بالباطل، وأنا لا أشتغل معكم في الجدال بغير حق.

والمراد بإسلام الوجه لله: الانقياد لله سبحانه وتعالى باتباع شرعه، وإخلاص النية له سبحانه وتعالى، على وَفق ما شرعه. فأنا على بينة من أمري وأنتم على ضلال، فلا أفتح المجال لكم للمجادلة والمناظرة؛ لأن الحق تَبيَّن لي. والذي يتبين له الحق لا يسعه أن يجادل فيه، وإنما يَلزم الحقَّ ويَتَّبع الحقَّ. فمَن اتبعه فإنه يكون من أتباعه على الحق ومن الناجين عند الله. ومَن لم يَتَّبعه فهو من أهل الضلال ومن أهل النار.


الشرح