فمعنى:
{أَسۡلَمۡتُ
وَجۡهِيَ لِلَّهِ﴾ [آل
عمران: 20]: أي: اِنقدت لله جل وعلا انقيادًا تامًّا على حَسَب ما أمرني ونهاني
سبحانه وتعالى، فأنا على بينة وعلى بصيرة، فلا أشتغل معكم وأُضيِّع الوقت
بالمجادلة العقيمة والمخاصمة الباطلة؛ لأن الحق واضح، ولله الحمد.
{وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ﴾ [آل عمران: 20] أي: ومَن اتبعني فقد أسلم وجهه لله. مثل
قوله تعالى: {أَدۡعُوٓاْ
إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾ [يوسف: 108].
أما
مَن لم يَتَّبعني فإنه على ضلال ولا أُضيِّع الوقت في مجادلته ومخاصمته. إنما يكون
الجدال إذا خَفِي الحق. أما إذا اتضح الحق فلا مجال للمجادلة ولا للمخاصمة.
{وَقُل
لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ ۖ﴾
[آل عمران: 20] وهم اليهود والنصارى.
{وَٱلۡأُمِّيِّۧنَ﴾ [آل عمران: 20] وهم الذين ليس لهم كتاب كمشركي العرب،
جمع أُمِّيٍّ. والأُمِّي: هو الذي لا يقرأ ولا يكتب. وهذه صفة العرب قبل بعثة
الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا أُمة أُمية، فلمَّا بُعِث رسول الله صلى
الله عليه وسلم واتبعوه، صاروا علماء الدنيا وأساتذة العالم، وفتحوا البلاد بالعلم
والدعوة إلى الله في المشارق والمغارب.
{ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ﴾ [آل عمران: 20] أي: أأسلمتم لله معي؟ {فَإِنۡ
أَسۡلَمُواْ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْ﴾
[آل عمران: 20] أصابوا الحق وأصابوا الهدى.
{وَّإِن تَوَلَّوۡاْ﴾ [آل عمران: 20] بأن أعرضوا ولم يسلموا. {فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُۗ﴾ [آل عمران: 20] وأما الهداية فهي بيد الله سبحانه وتعالى، {إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص: 56]، فالرسول صلى الله عليه وسلم ومَن جاء بعده من العلماء والدعاة؛ ليس عليهم إلا البلاغ. وأما هداية القلوب فإنها بيد الله، فنحن علينا البيان والدعوة