وهذا
وعيد شديد لمن تكبر وتجبر على الأنبياء وعلى أتباع الأنبياء، وأبى أن يَقبل الحق،
وأبى أن يَقبل الدعوة إلى الله، وأصر على ما هو عليه من الكفر والضلال، بل وزاد
على ذلك بأنه يَقتل من جاءه بالحق ومَن يدعوه إلى الحق، وهذا شر الناس، والعياذ
بالله؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «شَرُّ النَّاسِ مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا،
أَوْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ» ([1]).
{أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ
حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ﴾
[آل عمران: 22] هذا وصف آخر لهم.
ومعنى
{حَبِطَتۡ﴾ يعني: بَطَلت أعمالهم التي عملوها من الصالحات
والخيرات، بَطَلت بقتلهم الأنبياء.
{فِي ٱلدُّنۡيَا
وَٱلۡأٓخِرَةِ﴾ [آل عمران: 22] فبَطَلت أعمالهم
في الدنيا، فهم يُجهدون أنفسهم بالأعمال وهي باطلة لا تنفعهم؛ لمخالفتهم الأنبياء.
وفي الآخرة يجدون الجزاء عليها بالنار بدل أن يجازَوا بالجنة. فحبطت أعمالهم في
الدنيا والآخرة.
{وَمَا لَهُم
مِّن نَّٰصِرِينَ﴾ [آل
عمران: 22] ما لهم من يناصرهم لا في الدنيا ولا في الآخرة، فلا أحد يخلصهم من عذاب
الله وعقوبته، ومآلهم إلى الهلاك، كما حصل للجبابرة والمتكبرين والذين يقتلون أهل
الخير، ماذا كان مصيرهم؟ أين فرعون؟ أين هامان؟ أين قارون؟ أين كل جبار عنيد؟ هل
نَصَره أحد؟ هل خلَّصه أحد من عذاب الله؟
بخلاف أهل الحق وأتباع الرسل، فإن الله نصيرهم {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ﴾ [غافر: 51]، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الروم: 47]، فالمؤمنون ينصرهم الله عز وجل في الدنيا والآخرة.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (3868)، والطبراني في الكبير رقم (10497).