فالذي
يتفكر في ملكوت السموات والأرض يُقِر لله بالوحدانية، قال تعالى: {وَكَأَيِّن
مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا
مُعۡرِضُونَ ١٠٥ وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا
وَهُم مُّشۡرِكُونَ ١٠٦﴾
[يوسف: 105، 106]، نسأل الله العافية.
ومعنى:
{لَآ إِلَٰهَ
إِلَّا هُوَ﴾ [آل عمران: 18] أي: لا
معبود بحق سواه، فكلُّ المعبودات والآلهة التي اتخذها المشركون الأولون والمتأخرون
كلها باطلة؛ لأن الله شهد ببطلانها، ولأن الألوهية والعبادة له وحده لا شريك له.
هذه
شهادة الله جل وعلا، ثم أردف بشهادة الملائكة، والملائكة عالم من الغيب، وجند من
جنود الله سبحانه وتعالى، لا يعلمهم إلا الله، خلقهم من النور، وخَلَق الشياطين من
النار، وخَلَق بني آدم مما تعلمون، من طين.
والملائكة
هم من عباد الله في السموات، وتتنزل إلى الأرض بأوامر الله سبحانه وتعالى: فمنهم
مَن ينزل بالوحي على الرسل، وهو جبريل عليه السلام. ومنهم مَن ينزل لحفظ أعمال بني
آدم، وهم الحَفَظة الذين يتعاقبون فينا في الليل والنهار، كما أخبر النبي صلى الله
عليه وسلم، وكما قال جل وعلا: {وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَٰفِظِينَ ١٠ كِرَامٗا كَٰتِبِينَ ١١ يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ ١٢﴾ [الانفطار: 10-12]، وقال جل وعلا: {مَّا يَلۡفِظُ
مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ﴾
[ق: 18]، فالملائكة الحفظة معنا ليلاً ونهارًا، يَكتبون ما يَصدر منا ويسجِّلونه
في صحائفنا. ومنهم المُوكَّل بالقطر والمطر، وهو ميكائيل عليه السلام. ومنهم
المُوكَّل بالجبال. ومنهم المُوكَّل بالنفخ في الصور، وهو إسرافيل.
وهم لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى، منهم مَن سَمَّى الله لنا، ومنهم مَن لم يُسمَّ، فنؤمن بهم كما أخبرنا الله جل وعلا عنهم.