وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ﴾ مقابل {وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ﴾
[البقرة: 231] يعني: يتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين.
{فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ
فِي شَيۡءٍ﴾ [آل عمران: 28] تَبَرَّأ
الله ممن لم يعادِ الكفار ولم يحقق الولاء والبراء في دينه.
يقولون:
هذه ثقافة، وهذا حذق، وهذه سياسة.
نقول:
لا، هذا ما هو ثقافة ولا سياسة، هذا محادة لله ولرسوله، ويكفيك أن الله تبرأ ممن
فعل هذا.
ثم
استثنى مسألة واحدة {إِلَّآ أَن
تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ﴾
[آل عمران: 28] إذا اضطُر المسلم إلى أن يوافق الكفار على أمور لا تمس الدِّين
مصانعة لهم، فنعم. أما الدِّين فلا تنازل عنه، لكن يصانعهم مصانعة لأجل أن يَسْلَم
من شرهم.
{إِلَّآ أَن
تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ﴾
الاتقاء معناه: أنك تتقي المحذور منهم بشيء لا يضر دينك، بشيء من المال،
بشيء من الموافقة التي لا تمس العقيدة ولا تمس الدين، عند الضرورة فقط.
{إِلَّآ أَن
تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ﴾
وهذا ما يسمى بالمداراة. المداراة تجوز عند الضرورة، أن تدرأ الشر الأكبر بارتكاب
الضرر الأخف، وارتكاب أخف الضررين؛ لدفع أعلاهما، هذه هي التقاة.
ولذلك
لما ضايق الكفار عمار بن ياسر رضي الله عنه وأمسكوه وعذبوه؛ كي يَسب الرسول صلى
الله عليه وسلم، تكلم في حق الرسول صلى الله عليه وسلم بما طلبوا منه؛ ليتخلص
منهم، وهو في قلبه مخالف لما ينطق به لسانه، فهو مؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم
ولكنه تكلم من باب التخلص، وأما قلبه فهو مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فأطلقوه.
ونَدِم عمار رضي الله عنه على ما صنع، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبره بما