ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ
عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي
كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ﴾ [الأعراف:
157].
فهم
يُدْعَون إلى كتاب الله، أي: التوراة والإنجيل التي فيها الخبر عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وفيها أوصافه عليه الصلاة والسلام، ولكنهم لا يَقبلون ما في
التوراة والإنجيل بسبب الحسد والهوى والبغي، والعياذ بالله.
وقيل:
إنها نزلت في قصة الزانيَين من اليهود، زنى رجل بامرأة من اليهود، في المدينة بعد
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فأشكل عليهم أمرهم؛ لأنهم لا يريدون أن ينفذوا
الحكم الذي في التوراة وهو الرجم، فقالوا: نذهب إلى محمد ونسأله عن حكم هذين
الزانيَين؛ من أجل أن نتخلص من هذه المشكلة!! وليس ذلك محبة للرسول، ولكن يريدون
أن الرسول يحكم بغير الرجم ليجدوا لهم مخرجًا.
ولما
عرضوا عليه صلى الله عليه وسلم القضية قال: «مَا حُكْمُهُمْ عِنْدَكُمْ؟».
قالوا: نُسَوِّد وجوههم ونطوِّف بهم في الناس! فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب
التوراة ليَخصمهم بها ويُظهر كذبهم، فجاءوا بالتوراة ونشروها عند الرسول صلى الله
عليه وسلم، ووَضَع أحدهم يده على آية الرجم ليخفيها، فقرأ إلى أن وصل إلى آية
الرجم، فقال له عبد الله بن سَلاَم رضي الله عنه - وكان من أحبار اليهود فأسلم -:
ارفع أصبعك!!. فرَفَع أصبعه فإذا آية الرجم تلوح في التوراة، فأظهر الله كذبهم ([1]).
فالرسول
صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن يحتج عليهم بما في كتابهم.
{وَهُم مُّعۡرِضُونَ﴾ [آل عمران: 23] فقد يكون المُتولِّي يراجع المُتولَّى عنه، لكن المُعْرِض لا يرجع. فهذا شأن اليهود مع كتابهم ومع أنبيائهم؛ فلا يُستغرب منهم موقفهم من القرآن ومن الرسول صلى الله عليه وسلم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3635)، ومسلم رقم (1699).