×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ [آل عمران: 50] أطيعوني فيما آمركم به من عند الله سبحانه وتعالى.

ثم قال: {إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ [آل عمران: 51]. هذا فيه رَدٌّ على النصارى الذين قالوا: «إن المسيح ابن الله» أو «ثالث ثلاثة» أو «هو الله» تعالى الله عما يقولون!!

فالمسيح قال لهم: {إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمۡ يعني: أنا عبد مثلكم، فالله رب الجميع، أنا وأنتم، ليس لي من الربوبية والألوهية شيء، وإنما هذا كله لله ربي وربكم سبحانه وتعالى.

{فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ  [آل عمران: 52]، طَلَب مَن يُعِينه عليهم لأنه بمفرده لا يقدر على مكابدتهم ومقاومتهم، فيحتاج ذلك إلى أعوان، كما أن نبينا صلى الله عليه وسلم لما بعثه الله صار يَعْرِض نفسه على القبائل ويقول: «مَنْ يُؤْوِينِي؟ مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي، وَلَهُ الْجَنَّةُ؟» ([1])، فالرسول بحاجة إلى الأعوان والأنصار الذين يساعدونه.

{مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ [آل عمران: 52] أي: مع الله جل وعلا، فـ {إِلَىبمعنى «مع» أي: مَن ينصرني مع الله. وفي بعض التفاسير أن {إِلَى ٱللَّهِۖ بمعنى «في الله» أي: مَن ينصرني في الله؟ والمعنى متقارب. فإنه طَلَب مَن يُعِينه على تبليغ رسالته ورَدِّ الباطل وأهله، فالرسول وحده لا يستطيع إلا بأعوان وأنصار.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (14456)، والحاكم رقم (4251).