×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{ذَلِكَ أي: خبر مريم، ونشأتها، وكفالة زكريا لها، وخبر مولد المسيح عليه السلام من أُم بلا أب، وخبر المعجزات التي أعطاها الله للمسيح.

فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم هذا كله؛ لأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، حتى لا يقال: إنه قرأ هذا في الكتب. وإنما الله عَلَّمه ذلك.

{ذَٰلِكَ نَتۡلُوهُ عَلَيۡكَ مِنَ ٱلۡأٓيَٰتِ وَٱلذِّكۡرِ ٱلۡحَكِيمِ [آل عمران: 58] هذا من معجزات نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم قال جل وعلا رادًّا على النصارى الذين قالوا: «المسيح ابن الله» أو قالوا: «ثالث ثلاثة» أو قالوا: «المسيح هو الله» تعالى الله عما يقولون.

وما هي شبهتهم في ذلك؟ ليس لهم شبهة إلا أنه وُلد من غير أب، بأمر الله حينما قال له: كُن فكان عليه الصلاة والسلام.

والله جل وعلا ردَّ عليهم بأن هناك من هو أعجب من المسيح، وهو آدم عليه السلام، خلقه الله من تراب من غير أُم ولا أب!! فالذي قَدَر على خلق آدم عليه السلام من غير أُم ولا أب؛ أَلاَ يَقْدِر على خلق المسيح من أُم بلا أب؟! بلى، هو قادر سبحانه وتعالى على ذلك؛ ولهذا قال سبحانه: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ [آل عمران: 59]، إذن فآدم عليه السلام أعجب من المسيح.

ثم قال جل وعلا: {ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ [آل عمران: 60] الحق الذي جاءك وبيناه لك أيها الرسول من قصص المسيح عليه السلام؛ هو من ربك جل وعلا، ليس من أساطير الأولين، وليس من تعليم المعلِّمين من بني آدم.


الشرح