وبهذا
انتهت القضية بين وفد نصارى نجران وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونَكَصوا عن
الجدال والمناظرة، وخضعوا للجزية أذلة وهم صاغرون، وأسلم بعضهم ورفعه الله
بالإسلام.
قال
الله جل وعلا: {إِنَّ هَٰذَا﴾
، إن هذا الذي أنزلناه عليك أيها الرسول وبلَّغناك به من سيرة المسيح عليه السلام.
{لَهُوَ ٱلۡقَصَصُ﴾ [آل عمران: 62] يعني: الخبر. {ٱلۡحَقُّۚ﴾ [آل عمران: 62] الذي لا كذب فيه. بخلاف قول النصارى،
فإنه كذب واضح.
{وَمَا مِنۡ
إِلَٰهٍ إِلَّا ٱللَّهُۚ﴾
[آل عمران: 62] وحده. وبذلك بَطَل قولهم: «إن المسيح ابن الله» لأنه لو كان ابن
الله لصار إلهًا مع الله سبحانه وتعالى؛ لأن الولد شريك للوالد وشبيه له، تعالى
الله عن ذلك.
{وَإِنَّ ٱللَّهَ
لَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾
[آل عمران: 62] تأكيد بعد تأكيد.
{لَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ﴾ أي: القوي الذي لا يُغالَب {ٱلۡحَكِيمُ﴾ الذي يضع
الأمور في مواضعها.
{فَإِن
تَوَلَّوۡاْ﴾ أي: النصارى، وأعرضوا، ولم
يقبلوا الحق. {فَإِنَّ ٱللَّهَ
عَلِيمُۢ بِٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾
[آل عمران: 63] حتى لو تظاهروا بأنهم مصلحون، وأنهم يعظمون المسيح عليه السلام،
لكن هذا ليس تعظيمًا له؛ لأن هذا غلو، والغلو ليس تعظيمًا.
فهذا فيه: الرد على مَن يَكذب على الله، ويروج على الناس الأكاذيب والباطل في حق الأولياء والصالحين والأنبياء، ويلبس على الناس أنهم ينفعون ويضرون من دون الله عز وجل ! فالله عليم بما يصنعون وما يفعلون، وسيجازيهم على ذلك، وسيفضح كذبهم علانية أمام الخلائق.