×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

بَرَّأ رسوله صلى الله عليه وسلم من هذه المقالة التي اتهمه بها النصارى: {كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ [آل عمران: 79].

ثم قال جل وعلا: {وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّٰنِيِّ‍ۧنَ [آل عمران: 79]. بل الذي يؤمر به الرسول أنه يقول للناس: {كُونُواْ رَبَّٰنِيِّ‍ۧنَ [آل عمران: 79]، لا مشركين.

والرباني: هو العالِم العامل بعلمه. أي: عالِمين عاملين بعلمكم.

وقيل: الرباني: الذي يربي الناس على الخير، وعلى التوحيد، وعلى طاعة الله ورسوله.

أيضًا قالوا: الرباني: هو الذي يُعَلِّم الناس العلم، ويبدأ بصغار العلم قبل كباره. هذه هي التربية الصحيحة، التعليم يجب أن يبدأ شيئًا فشيئًا، ما يؤخذ العلم جميعًا أو يؤتى من أعلاه، كما يفعل المتعالمون الآن! وإنما يبدأ العلم من أصوله ومبادئه المختصرة الميسرة، ثم ينتقل ويتدرج بالطالب شيئًا فشيئًا في العلم.

أما المعلم الذي يهجم على العلم، ويأمر الطلاب المبتدئين أن يقرءوا في الصحاح والمسانيد والموسوعات الفقهية؛ فهذا ليس برباني!

الرباني: هو الذي يبدأ العلم من أصوله وأبوابه، ويربيهم عليها شيئًا فشيئًا، ويُكَوِّنهم شيئًا فشيئًا على العلم.

ثم قال جل وعلا: {وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ أَرۡبَابًاۗ [آل عمران: 80]. {وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ معطوف على قوله: {أَن تَتَّخِذُواْ. منصوب بـ {أَن، والمعطوف على المنصوب منصوب.

ما يأمركم النبي أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا. لأن أهل الجاهلية من المشركين اتخذوا الملائكة أربابًا من دون الله. واليهود والنصارى اتخذوا الأنبياء أربابًا من دون الله. فالله نهى عن


الشرح