ومع
هذه الأمور فإنهم لم يؤمنوا به، فالله لا يهديهم.
ثم
بَيَّن جزاءهم فقال: {أُوْلَٰٓئِكَ
جَزَآؤُهُمۡ أَنَّ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةَ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ
أَجۡمَعِينَ﴾ [آل عمران: 87].
واللعنة: هي الطرد والإبعاد عن رحمة الله، فالله طردهم من رحمته سبحانه وتعالى،
والملائكة يدعون عليهم باللعنة، والملائكة مجابو الدعوة، {وَٱلنَّاسِ
أَجۡمَعِينَ﴾ كلهم يدعون على هؤلاء الذين
كفروا بمحمد، يدعون عليهم باللعنة.
{خَٰلِدِينَ
فِيهَا﴾ أي: في اللعنة، ليست هذه
اللعنة في وقت محدد وتنتهي، وإنما هي لعنة ملازمة لهم، لا تنفك عنهم، باقين في هذه
اللعنة بلا نهاية.
{لَا يُخَفَّفُ
عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ﴾ [آل
عمران: 88] عذاب النار، والعياذ بالله، لا يخفف عنهم، بل يَزيد عذابهم، ولا يخفف
أبدًا، حتى إنهم إذا قالوا لخزنة جهنم: {وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ
رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٤٩ قَالُوٓاْ أَوَ لَمۡ تَكُ تَأۡتِيكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ
قَالُواْ بَلَىٰۚ قَالُواْ فَٱدۡعُواْۗ وَمَا دُعَٰٓؤُاْ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي
ضَلَٰلٍ ٥٠﴾ [غافر:
49-50]. نسأل الله العافية.
{وَلَا هُمۡ
يُنظَرُونَ﴾ [آل عمران: 88] لا
يؤجَّلون، ولا يؤخَّر العذاب عنهم فيستريحون فترة من الزمان، بل إن العذاب يلازمهم
منذ أن كفروا إلى ما لا نهاية، نسأل الله العافية، وهم في عذاب وشقاء دائم، كل هذا
جزاء على كفرهم بعد إيمانهم، وبعد شهادتهم أن الرسول حق، وبعد عدم اعترافهم
بالبينات، وهي البراهين الواضحة والمعجزات التي مع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم قال تعالى: {إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ﴾ [آل عمران: 89]. فَتَح الله لهم باب التوبة ما داموا على قيد الحياة، فالله جل وعلا لم يقنطهم، بل فتح لهم باب التوبة، فاستثنى الذين تابوا، فإن الله يتوب على من تاب،