فمن ارتد عن الإسلام ثم
تاب إلى الله ورجع؛ فإن الله يتوب عليه سبحانه وتعالى، {وَمَن
يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ
أَعۡمَٰلُهُمۡ﴾ [البقرة: 217]، أما لو تاب
-قبل أن يموت- من الردة، فإن الله يتوب عليه.
{وَأَصۡلَحُواْ﴾ [آل عمران: 89] فالتوبة ليست باللسان فقط، بل لا بد أن
يَتْبعها إصلاح في العمل واستقامة في المنهج. أما التوبة باللسان من غير تغيير
للواقع، فهذه لا يقبلها الله عز وجل؛ لأن من شروط صحة التوبة الإقلاع عن الذنب،
والعزم على ألا يعود إليه.
{فَإِنَّ ٱللَّهَ
غَفُورٞ﴾ [آل عمران: 89] كثير
المغفرة، يغفر لهم، {رَّحِيمٌ﴾
[آل عمران: 89] يقبل التوبة عن عباده؛ رحمة بهم ولطفًا منه بهم. فمن تاب، تاب الله
عليه وغفر له ورحمه، {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ
لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ﴾
[الأنفال: 38]، فيَغفر الله لهم كل ما سلف منهم، من الكفر ومن قتل المسلمين ومن
المعاصي والذنوب، كلها يغفرها بالتوبة الصادقة.
ثم
قال جل وعلا: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡدَ إِيمَٰنِهِمۡ ثُمَّ ٱزۡدَادُواْ
كُفۡرٗا﴾ [آل عمران: 90]. المراد
بذلك: مَن استمر على الردة، وزاد في الكفر وتمادى في ردته حتى مات ولم يتب.
لما
ذَكَر الذين تابوا، ذَكَر الذين استمروا على ردتهم ولم يتوبوا، وازداد كفرهم
وردتهم.
{لَّن تُقۡبَلَ تَوۡبَتُهُمۡ﴾ يعني عند الموت؛ لأن كلًّا يتوب عند الموت، الكافر والمرتد والمذنب والعاصي، كلٌّ يتوب إذا رأى الموت، لكن لا تُقبل توبته؛ لأن الله أعطاه فسحة للتوبة، فلم يتب إلى الله،