×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

فلا يجوز لأحد أن يحتكر هذا البيت أو يسيطر عليه ويمنع الناس من العبادة فيه؛ لأن الله وضعه للناس عامة، وذلك لما أَمَر خليله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام أن يقوما ببناء هذا البيت كما قال تعالى: {وَعَهِدۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلۡعَٰكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ [البقرة: 125]. فقاما - عليهما الصلاة والسلام - ببناء هذا البيت، إبراهيم عليه السلام يبني، وإسماعيل عليه السلام يناوله الحجارة، فأقاما قواعد البيت، {وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِ‍ۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ [البقرة: 127].

{لَلَّذِي بِبَكَّةَ [آل عمران: 96] بكة: اسم من أسماء مكة؛ لأن مكة لها أسماء. هذا قول. والقول الثاني: أن «بكة» اسم لمكان البيت، وأما «مكة» فهو اسم لما حوله.

وقيل: سُمي «بكة» من أجل الزحام، أي: من البَكِّ، وهو الزحام؛ لأن الناس يزدحمون حوله، يعبدون ربهم عز وجل في كل زمان.

وهذا البيت الشريف له فضائل عظيمة:

أولاً: أن الله جعله {مُبَارَكٗا [آل عمران: 96]، بارك الله فيه؛ لأنه يتوجه إليه المسلمون بالعبادة، فيستقبلونه في الصلاة، ويطوفون به، ويعتكفون حوله، وبحجونه ويعتمرون؛ فتُغفر لهم ذنوبهم وتُحَط عنهم سيئاتهم. وهذا من بركات هذا البيت، أنه مَطْهَرة للناس من الذنوب والمعاصي بعبادة الله وحده سبحانه وتعالى، فهو مبارك؛ لأن كل مَن جاءه للعبادة، فإنه يحصل على خير، ويحصل على مغفرة من الله، ويحصل على تكفير السيئات وزيادة الحسنات، الصلاة الواحدة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد.


الشرح