×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 إلى المعاصي وإلى الذنوب والسيئات والغفلة والإعراض؛ فيأتيكم الموت وأنتم على هذه الحالة السيئة.

ثم قال جل وعلا: {وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا ۚ [آل عمران: 103] أي: تمسكوا بالقرآن وسُنة الرسول صلى الله عليه وسلم، {جَمِيعٗا هذا نهي عن التفرقة، فالأمة مأمورة بالاجتماع على طاعة الله سبحانه ومنهية عن التفرق والاختلاف. لا يعتصم بعضكم ويترك البعض الآخر الاعتصام، بل كونوا جميعًا معتصمين بحبل الله سبحانه وتعالى؛ لأن الإسلام والقرآن واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ضمان من التفرق والاختلاف. إنما يأتي الاختلاف والتفرق إذا قَلَّ التمسك بكتاب الله وبسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فالذي يريد النجاة يتمسك بكتاب الله وبسُنة رسوله، ويحذر من الفتن والصوارف والمهلكات.

فأوصى سبحانه بالجماعة والتمسك بكتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال: {وَلَا تَفَرَّقُواْ [آل عمران: 103] بعد أن أَمَر بالاجتماع نهى عن ضده وهو التفرق.

ثم قال جل وعلا مُذكِّرًا المسلمين النعمة التي أنعمها عليهم بالإسلام واجتماع القلوب واجتماع الكلمة، بعد أن كانوا في الجاهلية متقاتلين متناحرين مختلفين: {وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ [آل عمران: 103] يعني في الجاهلية، {فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ [آل عمران: 103] «أَلَّف بين قلوبكم»، ولم يقل: «أَلَّف بين أبدانكم» لأن المدار على اجتماع القلوب، فإذا تصافَت القلوب وتوادت اجتمعت الأبدان، فالمدار على القلوب، {فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ [آل عمران: 103] بالمحبة بعد البغضاء والشحناء التي كانت بينكم، {فَأَصۡبَحۡتُم [آل عمران: 103] أي: تحولتم من حالة سيئة


الشرح