أما
هذه الأمة فخيرها على البشرية بارز وواضح مصداقًا لقوله: {خَيۡرَ أُمَّةٍ
أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ﴾. قال بعض
السلف: كنتم خير الناس للناس.
بسبب
أنكم {تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ
وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ﴾
[آل عمران: 110]، والمعروف: كل ما أَمَر الله جل وعلا به. سُمِّي معروفًا لأنه
تعرفه الفِطَر السليمة والعقول. والمنكر: هو كل ما نهى الله عنه من الشرك وما
دونه. سُمي منكرًا لأنه تنكره العقول والفِطَر السليمة.
وهذه
الأمة تأمر غيرها بالمعروف وهو كل خير وكل طاعة وكل بر، وتنهى عن المنكر وهو كل شر
وكل ضرر على البشرية، فخيرها ممتد إلى العالم. ونبيها صلى الله عليه وسلم كما قال
الله جل وعلا فيه: {وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]. فإرساله رحمة للعالمين جميعًا. وكذلك
هذه الأمة هي رحمة للعالم؛ لأنها على آثار هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم،
قامت بإنقاذ البشرية وتخليصها من الجبابرة.
قال
العلماء: {كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ﴾أي: كنتم خير الناس للناس، تأتون بهم مُقيَّدين في
السلاسل، ثم يُسْلِمون؛ ثم يدخلون الجنة، وذلك بالجهاد في سبيل الله.
فهذه
الأمة بذلت أرواحها ومُهَجها في الجهاد في سبيل الله؛ لإنقاذ البشرية من شياطين
الإنس والجن، ومن الضلال والكفر، ومن الشرك ومن الفسق ومن النفاق ومن جميع أنواع
المهالك، هذه الأمة أنقذ الله بها البشرية.
وقال في الآية الأخرى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا﴾ [البقرة: 143]. فهي خير أمة أُخرِجت للناس، وهي أمة وسط، أي: عدول خيار، فهذه الأمة عدول خيار يشهدون على الناس؛ لأنهم بَلَغتهم حُجة الله عز وجل على