×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 خلقه، على ألسنة رسله. وإنْ أَنْكَر مَن أَنْكَر هذا البلاغ فإن هذه الأمة تشهد عليه يوم القيامة.

{وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ [آل عمران: 110] الإيمان الصحيح. وإلا فاليهود والنصارى بل حتى المشركون - يؤمنون بالله، بمعنى أنهم يعترفون بتوحيد الربوبية، ويعرفون أن الله هو الرب الخالق الرازق المحيي المميت، لكنه إيمان لا يكفي. أما هذه الأمة فإنها آمنت الإيمان الكافي بالله ربًّا وإلهًا معبودًا له الأسماء الحسنى والصفات العلا، آمنوا بالله على الوجه المطلوب الإيمان الصحيح.

ثم قال جل وعلا: {وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ [آل عمران: 110]. لو آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم لكان خيرًا لهم، ولكانوا مِن خير أمة أُخرِجت للناس؛ ولكنهم لم يؤمنوا به، فكانوا شر أمة أُخرِجت للناس!!

ثم إنه سبحانه لم يَسْلُب عنهم كلهم الإيمان؛ لأن الله سبحانه وتعالى عَدْل لا يظلم أحدًا، فقال: {مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ [آل عمران: 110]. مِن أهل الكتاب مَن آمن بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم، مع إيمانهم بالأنبياء السابقين، فحصل لهم الإيمان بجميع الرسل.

ثم إن الله سبحانه طمأن هذه الأمة بأن اليهود والنصارى لن يضروهم، لن يضروا المسلمين، وإن كانوا ذوي عداوة شديدة للمسلمين، وإن كان بأيديهم إمكانيات، فإنهم لن يضروا المسلمين إلا أذى باللسان فقط، لا يضرونهم - ولله الحمد - بالانتصار عليهم أو بالظهور على المسلمين!!

فدين الله ظاهر منذ بَعَث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة، ودين الله ظاهر مهما حاول الأعداء طمسه؛ {يُرِيدُونَ أَن يُطۡفِ‍ُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ


الشرح