×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{تُبَوِّئُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ مَقَٰعِدَ لِلۡقِتَالِۗ [آل عمران: 121] النبي صلى الله عليه وسلم لما قابل المشركين - نَظَّم أصحابه تنظيمًا عجيبًا ودقيقًا أمام المشركين، وكان خلفهم الجبل والعدو أمامهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل جماعة من مَهَرة الرماة على الجبل ليحموا ظهور المسلمين حتى يتفرغ المسلمون لقتال عدوهم وتكون ظهورهم محمية لئلا يأتيهم المشركون من الخلف على غفلة.

ودارت المعركة، وصارت الغلبة للمسلمين وانهزم الكفار، وكانت ظهورهم محمية بالرماة حَسَب خطة الرسول صلى الله عليه وسلم المحكمة.

ثم شَرَع المسلمون يجمعون الغنائم، فلما رأى الرماة أن المشركين انهزموا وأن المسلمين شرعوا يجمعون الغنائم؛ ظنوا أن المعركة انتهت فقالوا: ننزل من الجبل نساعد إخواننا على جمع الغنائم. فقال لهم أميرهم عبد الله بن جُبَيْر رضي الله عنه: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لنا: لا تتركوا الجبل، سواء انتصرنا أو هُزمنا. وذَكَّرهم بهذا، لكنهم لم يطيعوه ونزلوا، وبَقِي هو وعدد قليل.

فلما رأى خالد بن الوليد - وكان على الشِّرك في هذا الوقت - أن الجبل قد تهيأ لهم ونزل منه الرماة، دار بجماعة وكوكبة من الخيل من خلف الجبل، ثم انقضوا على المسلمين من خلفهم، والمسلمون لم يشعروا إلا والعدو قد انقض عليهم من خلفهم.

فدارت المعركة من جديد، وصار المسلمون بين العدو من الخلف ومن الأمام، فدارت المعركة من جديد، ونزل بالمسلمين مصيبة كبيرة نتيجة لمعصيتهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتركهم الجبل.

ولهذا قال الله جل وعلا: {وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا


الشرح