×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗۖ {أَضۡعَٰفٗا أي: زيادات كبيرة؛ لأن الضِّعف: هو الزيادة، {مُّضَٰعَفَةٗۖ أي: كثيرة.

فالله يُحذِّر من صورة من صور الربا كانوا يتعاملون بها في الجاهلية، وهو ما يسمى ربا النسيئة.

وصورته: أنه إذا كان لأحدهم دَين في ذمة آخَر مؤجلٌ، ثم حل الأجل ولم يستطع المَدين أن يسدد، فإن الدائن يقول له: أَزيد عليك الدَّين الذي في ذمتك، وأؤخره مرة ثانية. فيخضع المعسر لهذا؛ فيزداد الدَّين في ذمته من غير فائدة حصل عليها. ثم إذا حل مرة ثانية، قال له وهو لا يستطيع السداد: أؤجله مرة أخرى، وأَزيد عليك غير الزيادة الأولى. وهكذا في المرة الثالثة والرابعة أو أكثر، حتى يتراكم الدَّين ويتضاعف في ذمة المعسر؛ ولهذا قال: {أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗۖ [آل عمران: 130].

هذه صورة من صور الربا الذي كانوا يتعاطونه في الجاهلية، ولا يزال عند بعض الناس وفي بعض البنوك والشركات هكذا، إذا حلَّ الدَّين قالوا: إما أن تسدد، وإما أن نَزيده عليك ونؤجله مرة ثانية. وهكذا، حتى يتضاعف الدَّين.

والله جل وعلا قال: {وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖۚ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [البقرة: 280].

فالمعسر لا يُطالَب، بل يُمهَل ويُنظَر إلى أن يستطيع السداد من غير زيادة. هذا هو الذي أَمَر الله به.

ثم قال: {وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ [البقرة: 280]. أي: كونك تسامح المعسر، وتضع الدَّين الذي عليه - هذا خير لك، وهذا صدقة عليه؛ نظرًا لتعسره.


الشرح