والجهاد منهم بما به تعلو
مرتبتهم عنده سبحانه وتعالى.
ثم
قال جل وعلا مخاطبًا الصحابة الذين مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أُحُد:
{وَلَقَدۡ
كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ﴾
[آل عمران: 143] كان من الصحابة رضي الله عنهم مَن تَأَسَّف على عدم حضوره وقعة
بدر تأسفًا شديدًا، وتمنَّى أن تجري معركة أخرى، فيَحضرها ليعوض ما فاته في وقعة
بدر؛ فالله جاء لكم بالجهاد في سبيله فعليكم بالوفاء بما كنتم تتمنونه.
{مِن قَبۡلِ أَن
تَلۡقَوۡهُ﴾ [آل عمران: 143] من قبل أن
تَلْقَوا العدو في هذه المعركة.
{فَقَدۡ
رَأَيۡتُمُوهُ﴾ [آل عمران: 143] رأيتم
الموت. يعني: رأيتم الموت وأسبابه، وهو القتل والجراح والدماء.
{وَأَنتُمۡ
تَنظُرُونَ﴾ [آل عمران: 143] تنظرون إلى
ما جرى في معركة أُحُد.
ثم
قال جل وعلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ
ٱلرُّسُلُۚ﴾ [آل عمران: 144]، فمحمد صلى
الله عليه وسلم ليس بِدْعًا من الرسل، وإنما سبقه من الرسل مَن سبقه، فهو عبدٌ
رسولٌ، وليس له من الألوهية شيء، أو من التصرف في الكون شيء، أو أنه قادر على أن
ينقذكم مما حصل عليه وعليكم في أُحُد، هذا بيد الله سبحانه وتعالى.
{أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡۚ﴾ [آل عمران: 144]؛ وذلك لأنه أُشِيعَ يوم أُحُد أن الرسول قُتِل، فأصاب المسلمين الحزن الشديد على قتله صلى الله عليه وسلم، وأَلْقَوا ما بأيديهم من الندم والحزن على الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا من زيادة الابتلاء والامتحان عليهم، بقوله تعالى: {أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡۚ﴾ أي: حتى لو قُتِل أو مات فليس بمُخَلَّد، فأنتم اثبتوا على دينكم.