ولهذا
كان أنس بن النضر رضي الله عنه قد جُرِح، وبينما هو في الاحتضار جاءه مَن جاءه،
فقال له: قُتِل الرسول!! فقال رضي الله عنه: قاتِلوا على ما قاتل عليه وقُتِل!!
ولا تضعفوا، إذا قُتِل الرسول فأنتم لا تضعفوا.
{ٱنقَلَبۡتُمۡ
عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡۚ﴾
[آل عمران: 144] فالرسول صلى الله عليه وسلم بشر لن يدوم، وخلت من قبله الرسل
الذين ماتوا أو قُتِلوا، {وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ
أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ ٣٤ كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ
وَٱلۡخَيۡرِ فِتۡنَةٗۖ وَإِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ ٣٥﴾
[الأنبياء: 34-35].
فالرسول
بشر، ويأتي عليه المرض، يأتي عليه الموت، وتأتي عليه الجراح والإصابة، مثلما يجري
على البشر. ولكن الحق يبقى ولو مات الرسول صلى الله عليه وسلم. فمَن أراد النجاة
فليتمسك بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولهذا
لما مات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وثَبَت موته، أصاب المسلمين الحزن
الشديد، وجَثَوا على الرُّكَب، فلم يستطيعوا أن يتحركوا، حتى عمرُ بن الخطاب رضي
الله عنه أصابه ما أصابهم، وجعل يهدد مَن يقول: «إن الرسول قد مات».
حتى
جاء أبو بكر رضي الله عنه في هذه الحالة، وكان غائبًا في مزرعته خارج المدينة،
فجاء ولما قالوا له: «الرسول مات» ما كان منه ضعف ولا تضعضع أبدًا، ودخل على
الرسول صلى الله عليه وسلم وهو مُسجًّى بالغطاء عليه الصلاة والسلام، وكشف الغطاء
عن وجهه، وقَبَّله، وعَرَف أنه قد مات حقيقة!!
ومِن قوة إيمانه خرج على الصحابة وعمر يتكلم، فقال له: على رِسْلك يا عمر!! فصَعِد رضي الله عنه المنبر، والناس حوله قد أصابهم ما أصابهم، فقال: أيها الناس، مَن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومَن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت!! ثم تلا قوله تعالى: