×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

كافة. والهداية والاتعاظ إنما هي للمتقين المؤمنين خاصة.

هذا هو الغرض من القصص في القرآن، أن يبين للناس كافة، وأن يكون في ذلك هداية وموعظة للمتقين؛ لأنهم هم الذين ينتفعون بآيات الله سبحانه، وهم الذين ينتفعون بالنظر في الآثار الماضية، فيتعظون بذلك. وأيضًا: لا يصيبهم اليأس والقنوط مما يحصل لهم من الشدائد، بل يصبرون على ذلك حتى يأتي الفرج من الله سبحانه وتعالى.

فهذه الدنيا - من أولها إلى آخرها - دار ابتلاء وامتحان دائمًا وأبدًا.

فلو أن الله سبحانه وتعالى نصر الحق دائمًا، ونصر المسلمين دائمًا، ولم ينهزموا؛ لدخل الناس كلهم في الدين لا عن صدق، بل يدخلون في الدين من باب الطمع؛ لِما فيه من الرخاء والراحة والرأفة والنصر المستمر.

لكن إذا كان هناك ابتلاء وامتحان، فإنه لا يَدخل في هذا الدين إلا المؤمنون الخُلَّص الذين يشكرون على النعماء، ويصبرون عند البلاء.

هذه هي الحكمة في الابتلاء والامتحان، وإلا فالله قادر على أن يهدي الناس كلهم، وقادر على أن يستمر النصر للمسلمين ولا يُهزَموا أبدًا، وقادر على أن يُنعِّم المسلمين، قادر على ذلك، لكن حكمته سبحانه تأبى إلا أن يبتلي الناس حتى يتميز المؤمن الصادق من المنافق.

قال تعالى: {أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢ وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣ [العنكبوت: 2-3].

هذه الحكمة في إجراء الابتلاء والامتحان على أوليائه وأحبابه؛ من أجل أن لا يدخل فيهم عناصر خبيثة، وإنما يدخل في هذا الدين


الشرح