×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 الصادق الذي له رغبة صادقة في الدين ومحبة الله ومحبة رسله. أما المنافق فإنه إذا رأى الابتلاء والامتحان، فإنه يهرب ويترك الدين.

{وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُواْ هَٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ [الأحزاب: 22]. أما المنافقون فلما جاءت فتنة الأحزاب قالوا: {مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا [الأحزاب: 12].

هذه هي الفتن، تميز المؤمن الصادق الذي دخل في الإسلام عن محبة ورغبة - من المنافق النفعي الذي لا يريد إلا رغبة نفسه، {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ [الحج: 11].

ثم إنه سبحانه وتعالى نهى عباده المؤمنين أن يميلوا وأن يضعفوا أمام هذه الفتن وهذه الشدائد، ويساوموا على دينهم أو يتنازلوا عن شيء منه، مهما كلفهم الأمر، فقال: {وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ [آل عمران: 139].

{وَلَا تَهِنُواْ يعني: لا تضعفوا أمام عدوكم، وتتركوا الجهاد في سبيل الله بالقول باللسان، والجهاد بالسلاح، لا تضعفوا أمام العدو وتستسلموا، بل استمِروا في المجاهدة في سبيل الله عز وجل ومقاومة الأعداء، مهما أصابكم فلا تستسلموا للعدو وتضعفوا أمامه، وتُسَلِّموا الأمر له، وتيأسوا من نصر الله عز وجل.

{وَلَا تَحۡزَنُواْ على ما أصابكم من الهزيمة يوم أُحُد، لا تحزنوا على مَن قُتِل منكم، ولا تحزنوا على مَن جُرِح منكم. لا تحزنوا على ذلك، بل اصبروا وانتظِروا الفرج من الله.

ثم قال جل وعلا: {وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ [آل عمران: 139] أنتم أيها المسلمون الأعلَون بدينكم. والكفار هم الأسفلون دائمًا وأبدًا بكفرهم.


الشرح