النصر دائمًا للمسلمين ما
تميز المؤمن من المنافق، ولكن إذا حصل للمسلمين شيء، فإن المنافق يفرح ويُفتضح،
وأما المؤمن فهو يصبر ويستمر ولا ييأس، ويعلم أن ما أصابه خير له وأحسن له عاقبة.
ولهذا
قال: {وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [آل عمران: 140] هذا بيان للحكمة، أن الله جل وعلا أجرى
ما أجرى على المسلمين؛ ليعلم المؤمنين الصادقين الذين لا تهزُّهم الأحداث، ولا تزعزعهم
النوازل، بل يثبتون على الإيمان سواء انتصروا أو هُزِموا.
فهو
سبحانه يريد بذلك أن يتميز المؤمن الصادق في إيمانه الثابت؛ من المنافق الذي يهتز
ويتشكك - والعياذ بالله - ويترك دينه.
والله
سبحانه يعلم في الأزل ما كان وما يكون، لكن هذا عِلم الظهور؛ ليظهر ما عَلِمه في
الأزل علانية ويراه الناس. وفي ذلك فوائد، هذه واحدة منها.
والثانية:
{وَيَتَّخِذَ
مِنكُمۡ﴾ [آل عمران: 140] من
المسلمين، {شُهَدَآءَۗ﴾ [آل عمران: 140] يُقتَلون في سبيل الله. والشهادة أعلى
شيء في الأعمال الصالحة.
{وَٱللَّهُ لَا
يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾
[آ ل عمران: 140] فإذا حصلوا على شيء من الظفر، فليس معنى ذلك أن الله يحبهم،
ولكنه يبتلي بهم المسلمين. وإذا أصاب المسلمين شيء من المصيبة، فليس معنى ذلك أن
الله لا يحبهم، بل هذا من مصلحتهم.
والثالثة: {وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [آل عمران: 141] فما جرى من المحن ويجري على المسلمين، فهو تمحيص وتخليص لهم من ذنوبهم، يُكَفِّر الله به عنهم سيئاتهم، فهم بحاجة إلى التطهير، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بهم، أنه يطهرهم في هذه الدنيا حتى يَلْقَوه طاهرين طيبين.