×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

ولكن العقوبة إذا نزلت فإنها تعم الصالح والطالح {وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ [الأنفال: 25].

{مِّنۢ بَعۡدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ [آل عمران: 152]، من النصر في أول المعركة.

ثم قال جل وعلا: {مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا [آل عمران: 152] فهذا فيه إشارة - والله أعلم - إلى أن الذين نزلوا إنما يريدون جمع الغنائم. هذا هو الذي حملهم على ذلك.

{وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۚ [آل عمران: 152] يقول عبد الله بن مسعود: ما ظننت أن أحدًا من الصحابة يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية.

{مِنكُم [آل عمران: 152] يعني: بعضكم. فصار هذا سببًا للهزيمة.

ولذلك قال سبحانه: {ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ [آل عمران: 152]، صرفكم عن قتلهم، وعن الفتك بهم، وشغلكم بأنفسكم. {لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ  [آل عمران: 152] ليختبركم، فيظهر المؤمن الصادق من المنافق. ولو كان المسلمون دائمًا منتصرين، ما تبين المؤمن الصادق من المنافق، لكن إذا جاءت الشدائد تبين الصادق من الكاذب.

ثم إن الله بَشَّرهم فقال: {وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ [آل عمران: 152] فالذين حصلت منهم هذه الغلطة عن اجتهاد، فالله جل وعلا قد عفا عنهم، فلم يؤاخذهم. فهذه النكبة تأديب، وليس إهلاكًا واستئصالاً.

{وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [آل عمران: 152]؛ ولذلك عفا عنكم تفضلاً منه.

ثم قال جل وعلا واصفًا حالة المسلمين: {إِذۡ تُصۡعِدُونَ وَلَا تَلۡوُۥنَ عَلَىٰٓ أَحَدٖ [آل عمران: 153] لَمَّا حصل ما حصل، فرَّ بعض المسلمين من الموت.


الشرح