×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 والمنافقون في الدرك الأسفل من النار - نسأل الله العافية - كُلٌّ بحَسَب عمله.

{وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ [آل عمران: 163] الله لا يظلم أحدًا، فلا يجعل أحدًا في منزلة لا يستحقها، ولا يجعل أحدًا في درك من النار لا يستحقه. بل الله جل وعلا حَكَمٌ عَدْل بصير بما يعملون.

{وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ [آل عمران: 163] فلا أحد يخاف أن يُظْلَم، فيزاد عليه في سيئاته. ولا أحد يخاف أن يُظْلَم، فينقص شيء من حسناته؛ لأن الله بصير بما يعملون.

ثم قال جل وعلا ممتنًّا على المسلمين ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، الذي دلهم على كل خير، وحَذَّرهم من كل شر، وعَلَّمهم ما كانوا يجهلونه، وبَيَّن لهم ما كان خفيًّا عليهم.

{لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [آل عمران: 164]، مَنَّ الله على المؤمنين خاصة؛ لأنهم هم الذين آمنوا بالرسول واتبعوه. أما الكفار فلم ينتفعوا من هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، بل يكون حُجة عليهم. فالمِنة من الله إنما هي على المؤمنين الذين آمنوا بهذا الرسول.

{إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ [آل عمران: 164] بشرًا مثلهم، ولم يبعث إليهم رسولاً من غير جنسهم؛ لأنه لو كان من غير جنسهم ما استطاعوا أن يفهموا لغته ولا كلامه، ولو كانوا لا يعرفونه لم يثقوا به. لكن إذا كان منهم، إذا كان بشرًا مثلهم، استطاعوا أن يجالسوه، وأن يسألوه، وأن يفهموا كلامه.

ولهذا لما اقترح المشركون أن يرسل الله إليهم مَلَكًا بدل البشر، بَيَّن الله سبحانه أنه لو أرسل إليهم مَلَكًا، ما استطاعوا أن يكلموه،


الشرح