فبعد
أن كانوا لا يقرءون صاروا يقرءون. وقد كان العرب أجلافًا، أُمِّيِّين، أعرابًا، لا
يقرءون ولا يكتبون. ولما بُعِث محمد صلى الله عليه وسلم، صاروا يقرءون، ويتعلمون،
ويُعَلِّمون، بل عَلََّموا البشرية كلها.
{وَيُزَكِّيهِمۡ﴾ [آل عمران: 164]، يطهرهم من الذنوب، ويطهرهم من الشرك
الذي كانوا يمارسونه ويعيشونه، ولا يعرفون غيره.
{وَٱلۡحِكۡمَةَ﴾ [آل عمران: 164] وهي السُّنة النبوية والأحاديث النبوية
التي تفسر القرآن وتوضحه.
فأصبحوا
علماء العالم بعد أن كانوا جُهالاً أُمِّيِّين، أصبحوا بعد بعثة هذا الرسول صلى
الله عليه وسلم، والإيمان به، وتلقي العلم عنه، أصبحوا معلمين للعالم.
فكل
العلماء في المشرق والمغرب إنما تخرَّجوا على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وعلى التابعين لهم، ومن جاء بعدهم، فصاروا سادة العالم، وصاروا علماء العالم،
رفعهم الله جل وعلا بعد الذلة، وأعزهم بعد الذلة، وأغناهم بعد العَيْلة، ورفع
شأنهم على البشرية باتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم.
{وَإِن كَانُواْ
مِن قَبۡلُ﴾ [آل عمران: 164] أي: قبل
بعثته صلى الله عليه وسلم.
{لَفِي ضَلَٰل﴾ [آل عمران: 164] أي: في تيه وضياع.
انظروا
كيف تحولوا من هذا الضلال، وهذه الجاهلية؟ تحولوا إلى أمة سادت العالم بالعلم
والجهاد والتعليم والتأليف!! هذا كله بفضل الله جل وعلا، ثم باتباع محمد صلى الله
عليه وسلم، ونَشْر ما جاء به من العلم والحكمة.
ثم عاد سبحانه وتعالى إلى ذكر وقعة أُحُد، فقال: {أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا﴾ [آل عمران: 165]، أصابتكم مصيبة، وهي النكبة التي حصلت للمسلمين في غزوة أُحُد