بل
هو كريه المذاق. أما خمر الجنة فهو لذيذ. وخمر الدنيا يغتال العقول، فيصبح الإنسان
متخبطًا في عقله، أحط من البهيمة. أما خمر الآخرة فليس فيها غَوْل، لا تغير العقول
كخمر الدنيا.
{ثَوَابٗا مِّنۡ
عِندِ ٱللَّهِۚ﴾ [آ ل عمران: 195]، هذه
الجنة وما فيها ثواب من الله؛ جزاءً على أعمالهم.
{مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ﴾ لا من عند غيره، إنما هي من عند ربهم سبحانه وتعالى، لا
مِنَّة فيها لأحد.
{وَٱللَّهُ
عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلثَّوَابِ﴾
[آل عمران: 195]، الثواب الحسن هو من عند الله سبحانه وتعالى. وحُسْن الثواب لا
يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، كما قال صلى الله عليه وسلم في وصف الجنة: «إِنَّ
فِي الْجَنَّةِ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى
قَلْبِ بَشَرٍ، وقال الله جل وعلا: {فَلَا
تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا
كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾
[السجدة: 17] » ([1]).
ثم
لما ذَكَر هذا الثواب العظيم في الآخرة، وذَكَر ما يحصل للمؤمنين في الدنيا من
المضايقات ومن الابتلاء والامتحان؛ ذَكَر ما فيه الكفار من النعيم في الدنيا
والأموال والأرزاق؛ لأن الكفار في نعيم في الدنيا، وفي أرزاق في الدنيا، وسَعة من
العيش، وهذا ليس من صالحهم؛ لأنه استدراج من الله لهم، فالله سبحانه يعطي الدنيا
مَن يحب ومَن لا يحب، ولا يعطي هذا الدِّين إلا من يحب.
قال تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ﴾ [آل عمران: 196]. فالكفار مُنَعَّمون في هذه الدنيا، ويتقلبون فيها في الأسفار والنزهات... وغير ذلك مما هم فيه من الرفاهية والنِّعَم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3244)، ومسلم رقم (2824).