وأنتم
ترون الكفار الآن عندهم قوات وأسلحة، وبلادهم خِصبة، وعندهم صحة في أبدانهم،
وعندهم وعندهم.
وتجدون
المسلمين أغلبهم في ضيق من العيش وفقر وفاقة.
هذه
حكمة من الله سبحانه وتعالى، فالمؤمن يُبتلى في هذه الدنيا من أجل أن يُطَهَّر
ويُمَحَّص، ولأجل أن يستوفي أجره في الآخرة، والآخرة خير من الدنيا. أما الكافر
فإنه يُبسط له في هذه الدنيا.
إن
ما هم فيه {مَتَٰعٞ
قَلِيلٞ ثُمَّ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ﴾
[آل عمران: 197]، والمؤمن وإن حصل له في الدنيا ما يحصل من الضيق والفقر والفاقة
والمرض؛ فله الجنة عند الله سبحانه وتعالى. أما هؤلاء وإن أُعطوا زهرة الدنيا فإن
لهم جهنم، هي مأواهم، فماذا تنفعهم هذه الدنيا؟!
{مَأۡوَىٰهُمۡ
جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾
[آل عمران: 197]، أي: مقرُّهم يوم القيامة ومصيرهم جهنم، يأوون إلى جهنم - والعياذ
بالله - وبئس المصير، ولا يستطيعون الهرب منها.
{لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ
ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ﴾ [آل
عمران: 198] في هذه الدنيا، وعبدوه، واستقاموا على طاعته، {لَهُمۡ
جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا﴾ [آل عمران: 198]، يملِّكهم الله الجنات.
{نُزُلٗا مِّنۡ
عِندِ ٱللَّهِۗ﴾ [آل عمران: 198]
النُّزُل: هو الضيافة، فضيافتهم عند الله الجنة.
{وَمَا عِندَ ٱللَّهِ
خَيۡرٞ لِّلۡأَبۡرَارِ﴾
[آل عمران: 198]، فقارِن بين هذه الحالة الطيبة للمؤمنين والحالة البائسة للكفار.
ثم قال جل وعلا: {وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ﴾ [آل عمران: 199]. لما سبق في أول السورة