مَوقِفُ الصُّوفِيَّةِ
مِنَ العبادةِ والدِّينِ
****
لِلصُّوفِيَّةِ -خُصوصًا- المُتأخِّرينَ مِنهم مَنهَجٌ فِي الدِّينِ والعبادةِ
يُخالِفُ مَنهجَ السَّلَفِ، وَيَبتعِدُ كثيرًا عنِ الكتابِ والسُّنَّةِ. فَهُم قد
بَنَوْا دِينَهم وعبادَتَهُم عَلَى رُسومٍ ورُموزٍ واصْطِلاحاتٍ اختَرَعُوها، وهيَ
تَتلخَّصُ فيما يلي:
· قَصْرهم العبادةَ عَلَى المَحَبَّةِ:
1- قَصْرهم العبادةَ عَلَى المَحبَّةِ؛ فهُم يَبنُونَ عِبادَتَهُم للهِ
عَلَى جانبِ المَحبَّةِ، وَيُهمِلُونَ الجوانِبَ الأُخْرَى -كجانبِ الخَوفِ
والرَّجاءِ - كما قالَ بعضُهم: أنا لا أعبدُ اللهَ طَمعًا فِي جَنَّتهِ ولا خَوفًا
مِن نَارِهِ- ولا شك أَنَّ مَحبَّةَ اللهِ -تَعالَى- هيَ الأساسُ الَّذِي تُبْنَى
عليهِ العبادةُ. ولكِنَّ العبادةَ ليستْ مَقصُورةً عَلَى المَحبَّةِ، كما
يَزعُمونَ، بل لها جوانِبُ وأنواعٌ كثيرةٌ غيرُ المَحبَّةِ، كالخوفِ والرَّجاءِ
والذُّلِّ والخُضوعِ والدُّعاءِ إِلَى غيرِ ذلكَ، فَهِيَ كما قالَ شيخُ الإسلامِ
ابنُ تيميَّةَ: «اسْمٌ جامِعٌ لِمَا يُحِبُّهُ اللهُ، ويَرْضَاهُ مِنَ الأَقْوَالِ
والأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ».
وَيَقُولُ العلامةُ ابنُ القَيِّم:
وَعِبَادَةُ
الرَّحْمَنِ غَايَةُ حُبِّهِ |
|
مَعَ ذُلِّ
عِبادِهِ هُمَا قُطْبَانِ |
وَعَلَيْهِمَا
فَلَكَ العِبَادَةُ دَائِرٌ |
|
مَا دَارَ
حَتَّى قَامَتِ القُطْبَانِ |
وَلِهَذا يقولُ بعضُ السَّلَفِ: مَنْ عَبَدَ اللهَ بالحُبِّ وَحْدَهُ هو
زِندِيقٌ، ومَنْ عبدَهُ بالرَّجاءِ وَحْدَهُ هو مُرْجِئٌ، ومَنْ عَبدَهُ بالخَوْفِ
وحْدَهُ فهو حروريٌّ، وَمَنْ عَبدَهُ بالحُبِّ والخَوْفِ والرَّجاءِ فهُوَ مُوحِّدٌ.