· عَدَم رُجُوعِهِم إِلَى الكتابِ والسُّنَّةِ:
2- الصُّوفِيَّةُ فِي الغالبِ لا يَرجِعُونَ فِي دِينهِم وعِبادَتِهِم
إِلَى الكتابِ والسُّنَّةِ والاقتداءِ بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وإنَّما
يَرجِعُونَ إِلَى أذواقهِم وما يَرسُمُه لهُم شُيوخُهُمْ مِنَ الطُّرُقِ
المُبتَدَعَةِ، والأذكارِ والأورادِ المُبتَدَعَةِ، ورُبَّما يَستدِلُّونَ
بالحكاياتِ والمَناماتِ والأحاديثِ المَوضُوعَةِ؛ لِتَصْحِيحِ ما هُم عليهِ،
بَدَلاً مِن الاستِدلالِ بالكتابِ والسُّنَّةِ، هذا ما يَنبَنِي عليه دِينُ
الصُّوفِيَّة.
ومن المعلوم أنَّ العبادةَ لا تكُونُ عبادةً صَحِيحةً إلاَّ إذا كانتْ
مَبنِيَّةً عَلَى ما جاءَ فِي الكتابِ والسُّنَّةِ، قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ
تيميةَ: وَيَتمسَّكُونَ فِي الدِّينِ الَّذِي يَتقرَّبُونَ به إِلَى رَبِّهِم
بِنَحْوِ ما تَمسَّكَ به النَّصارَى مِن الكلامِ المُتشابِه والحكاياتِ الَّتِي لا
يُعرَفُ صِدْقُ قائِلِها، ولو صَدقَ لم يَكُنْ مَعصُومًا؛ فَيجعَلُون
مَتْبُوعِيهِمْ وشُيوخَهم شارِعِينَ لَهُم دِينًا، كما جعلَ النَّصارَى
قِسِّيسِيهِمْ ورُهْبانَهُم شارِعينَ لهم دِينًا. انتهى.
ولمَّا كانَ هذا مَصدَرَهُم الَّذِي يَرجِعونَ إليهِ فِي دِينِهم
وعبادَتِهِم، وقد تَركُوا الرُّجوعَ إِلَى الكتابِ والسُّنَّةِ صَارُوا أحزابًا
مُتفرِّقِينَ. كما قالَ -تَعالَى- : {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي
مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن
سَبِيلِهِۦۚ} [الأنعام: 153]
فَصِراطُ اللهِ واحدٌ، لا انقسامَ فيهِ ولا اختلافَ عليهِ، وما عَداهُ فهو سُبُلٌ
مُتفرِّقَةٌ تَتفرَّقُ بِمَن سَلَكَها، وتُبْعِدُه عَن صِراطِ اللهِ المُستقيمِ،
وهذا يَنطبقُ عَلَى فِرَقِ الصُّوفِيَّةِ؛ فإنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ لها طَرِيقةٌ
خاصَّةٌ تَختلِفُ عنْ طريقةِ الفِرْقةِ الأُخَرَى. ولِكُلِّ فِرْقةٍ شيخٌ
يُسمُّونَهُ شَيْخَ الطَّرِيقةِ يَرسُم لها مِنهاجًا يَختلِفُ عَنْ مِنهاج
الفِرَقِ الأُخرَى، وَيَبتعِدُ بِهم عَنِ الصِّراطِ المُستقيمِ. وهذا الشَّيْخُ
الَّذِي يُسمُّونَهُ شيخَ الطَّريقةِ يكُونُ لَهُ