أنفُسِهِم، بل أرسلَ
إليهِمُ الرُّسَلَ، وأنزلَ الكُتُبَ لِبيانِ حَقِيقةِ تلكَ العبادةِ، كما قالَ
تَعالَى: {وَلَقَدۡ
بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ} [النحل: 36] .
وقال تعالى: {وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن
قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ
أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ} [الأنبياء: 25] .
فمَنْ حادَ عمَّا بينَتْهُ الرُّسُلُ، ونَزلَت بهِ الكُتُبُ مِنْ عَبادَةِ
اللهِ، وعَبدَ اللهَ بِما يُملِي عليهِ ذَوْقُهُ وما تَهْواهُ نَفسُهُ وما
زَيَّنَتْهُ له شَياطِينُ الإنسِ والجِنِّ فَقدْ ضَلَّ عَن سَبيلِ اللهِ، ولم
تَكُنْ عِبادَتُهُ في الحقيقةِ عِبادةً للهِ، بلْ هِيَ عبادةٌ لِهَواهُ: {وَمَنۡ
أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ} [القصص: 50] .
وهذا الجِنسُ كَثيرٌ فِي البشَرِ، وفي طَلِيعَتِهم النَّصارَى، ومَنْ ضَلَّ
مِن فِرَقِ هذِه الأُمَّةِ، كَالصُّوفِيَّةِ، فإنَّهُم اختَطُّوا لأنفُسِهم
خُطَّةً في العبادةِ مُخالِفَةً لِمَا شَرعَهُ اللهُ فِي كَثيرٍ مِن شِعاراتِهم.
وهذا يَتَّضحُ بِبَيانِ حقيقةِ العبادةِ الَّتِي شَرعَها اللهُ عَلَى لسانِ
رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وبيانِ ما عليهِ الصُّوفِيَّةُ اليومَ مِن
انحِرافاتٍ عَن حَقيقةِ تلكَ العبادةِ.
***
الصفحة 3 / 27