والرُّوحُ بِمعنَى الوَحْي، يُسَمَّى رُوحًا؛ لأنَّهُ تحيا به القُلوبُ،
كما المطر الَّذِي تحيا به الأرضُ، كما أنَّ الرُّوحَ المخلوقةُ تَحيا بها أبدانُ
الحيواناتِ.
الرُّوحُ بمعنى القُرآن: يقولُ سبحانه وتعالى لِنَبِيِّهِ: ﴿وَكَذَٰلِكَ
أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ﴾[الشورى: 52]، رُوحًا
يعنِي: القرآن؛ لأنَّهُ تَحيا بهِ قلوبُ أهلِ الإيمانٍ، فكما تحيا الأرضُ
بالمطرِ كذلك قلوبُ المؤمنينَ تَحيا بالقُرآنِ.
والرُّوحُ بِمَعنى جبريل عليه السلام وهو أعظم المَلائِكَة، وأَفضَلُهم،
وأَشْرَفُهم، هو الَّذِي نزلَ بالقرآنِ مِن عِندِ اللهِ عَلَى محمد صلى الله عليه
وسلم قال جل شأنهُ: ﴿نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ
ٱلۡأَمِينُ ١٩٣عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤ بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ
مُّبِينٖ ١٩٥﴾[الشعراء: 193 - 195]. فالقرآنُ نزلَ به جبريلُ عَلَى
قَلْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم والرسولُ بلَّغهُ لأُِمَّتِهِ. وفي آيةٍ
أُخرى: ﴿قُلۡ
نَزَّلَهُۥ رُوحُ ٱلۡقُدُسِ مِن رَّبِّكَ﴾[النحل: 102]. يعني
جبريل، وهو رُوحُ القُدسِ.
· صِفاتُ جِبريل عليه السلام:
وكذلكَ وَصفَ اللهُ جِبريلَ بأوصافٍ عظيمةٍ: فقالَ عز وجل: ﴿فَلَآ أُقۡسِمُ
بِٱلۡخُنَّسِ ١٥ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ ١٦وَٱلَّيۡلِ إِذَا عَسۡعَسَ ١٧ وَٱلصُّبۡحِ
إِذَا تَنَفَّسَ ١٨ إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ ١٩ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلۡعَرۡشِ
مَكِينٖ ٢٠مُّطَاعٖ ثَمَّ أَمِينٖ ٢١﴾[التكوير: 15 - 21].
الصِّفةُ الأُولى: القُوَّةُ، قال تعالى: ﴿ذِي
قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلۡعَرۡشِ مَكِينٖ﴾[التكوير: 20]. ﴿ذِي ٱلۡعَرۡشِ﴾: صاحِب العرشِ، وهو
اللهُ عز وجل و ﴿ذِي قُوَّةٍ﴾هذهِ صِفةُ جِبريل
عليه السلام.
الصفة الثانية: المَكانَة: ﴿مَكِينٖ﴾يعني ذُو مكانةٍ عند الله، لا يَصِلُ إليها غيرُهُ.