وكراماتُ أولياءِ اللهِ أعظَمُ مِن هذهِ الأمورِ، وهذهِ الأمورُ الخارقةُ
للعَادَةِ، وإنْ كانَ قد يكونُ صاحِبُها وليًّا لله، فقدْ يكُونُ عَدُوًّا للهِ،
فإنَّ هذهِ الخوارقَ تكونُ لِكَثيرٍ مِنَ الكُفَّارِ والمُشركينَ وأهلِ الكتابِ
والمنافقينَ، وتكونُ لأهلِ البِدَعِ، وتكونُ مِن الشياطينِ، فلا يجوز أَنْ يُظَنَّ
أنَّ كُلَّ مَن كانَ لَهُ شَيءٌ مِنْ هَذهِ الأمورِ أَنَّهُ وليٌّ للهِ.
بلْ يُعتَبَرُ أولياءُ اللهِ بِصِفاتِهم وأفعالِهم وأحوالِهم الَّتِي دلَّ عليها الكتابُ والسُّنَّةُ، ويُعرفونَ بِنُورِ الإيمانِ والقرآنِ، وَبِحقائقِ الإيمانِ الباطلةِ، وشرائعِ الإسلام الظاهرةِ. مثال ذلك أنَّ هذهِ الأمورَ المَذكُورةَ وأمثالَها قد تُوجَدُ فِي أشخاصٍ، ويكونُ أحدُهُم لا يَتوَضَّأُ، ولا يُصلِّي الصَّلَواتِ المكتوبةَ، بل يكونُ مُلابِسًا للنَّجاساتِ مُعاشِرًا للكلابِ، يَأوِي إِلَى الحَمَّاماتِ والقَمَّامِين والمقابرِ والمَزابلِ، رائحَتُهُ خَبِيثةٌ، لا يَتطَهَّرُ الطَّهارَةَ الشَّرعِيَّةَ، ولا يَتنَظَّفُ. إِلَى أنْ قالَ: فإذا كانَ الشَّخصُ مُباشِرًا للنجاسات والخَبائِثِ الَّتِي يُحِبُّها الشَّيطانُ، أو يأوِي إِلَى الحَمَّاماتِ والحُشوشِ الَّتِي تَحضُرُها الشَّياطِينُ، أو يأكلُ الحَيَّاتِ والعقارِبَ والزَّنابِيرَ وآذانَ الكلابِ الَّتِي هي خبائِثُ وفواسِقُ أو يَشرَبُ البَوْلَ ونحْوَهُ مِنَ النَّجاساتِ الَّتِي يُحِبُّها الشَّيطانُ، أو يَدعُو غيرَ اللهِ، فَيَستغِيثُ بالمخلوقاتِ، ويَتوَجَّه إليها، أو يَسْجُد إِلَى ناحيةِ شَيخِهِ، ولا يُخْلِصُ الدِّينَ لِرَبِّ العالمينَ، أو يُلابِسُ الكلابَ أو النِّيران، أو يأوِي إِلَى المَزابلِ والمَواضِع النَّجِسَةِ، أوْ يأوِي إِلَى المقابرِ وَلا سِيَّما إِلَى مقابرِ الكُفَّارِ من اليهودِ والنَّصارَى والمُشركينَ، أو يَكْرَهُ سَماعَ القُرآنِ، ويَنفِرُ عنه، ويُقدِّمُ عليهِ سَماعَ الأغانِي والأشعارَ، ويُؤْثِرُ سَماعَ مَزامِيرِ الشَّيطانِ عَلَى سَماعِ كلامِ الرَّحمنِ، فهذه علاماتُ أولياءِ الشَّيطانِ لا عَلاماتُ أولياءِ الرَّحمنِ ...انتهى.
الصفحة 3 / 27