×

 ليسَ فيهم مَن يُرَغِّبُ فِي ذلك، ولا يَدعُو إليه، وهؤلاءِ هُمْ أهلُ القرآنِ والإيمانِ والهُدَى والسَّعدِ والرَّشادِ، والنُّورِ والفلاحِ، وأهلُ المعرفةِ والعِلْمِ واليقينِ والإخلاصِ للهِ والمَحبَّةِ له والتَّوكُّلِ عليهِ والخشيةِ لَهُ والإنابةِ إليه.

إِلَى أنْ قالَ: ومَنْ كانَ له خِبرَةٌ بِحقائِقِ الدِّينِ وأحوالِ القلوبِ ومعارِفِها وأذواقِها ومَواجِيدها عَرَفَ أنَّ سَماع المُكاءِ والتَّصْدِيَةِ لا يَجلِبُ للقلوبِ مَنفعةً ولا مصلحةً، إِلاَّ وفِي ضِمْنِ ذلكَ مِنَ الضَّرَرِ والمَفسَدَةِ ما هو أعظَمُ منهُ؛ فهو للرُّوحِ كالخَمْرِ للجسد؛ وَلِهَذا يُورِثُ أصْحابَهُ سَكَرًا أعظَمَ مِن سَكَرِ الخَمْرِ؛ فَيَجِدُونَ لهم أَكثَرَ وَأكْبرَ مِمَّا يَحصُلُ لشاربِ الخَمْرِ، وَيَصُدُّهم ذلك عن ذِكْرِ اللهِ وعَنِ الصَّلاةِ أَعظَمَ مِمَّا يَصُدُّهم الخَمْرُ، ويُوقِعُ بينَهُم العداوةَ والبغضاءَ أَعْظَمَ مِنَ الخَمْرِ.

وقالَ أيضًا: وأَمَّا الرَّقْصُ فلمْ يأمُرِ اللهُ به ولا رَسُولُه ولا أحدٌ مِنَ الأئِمَّةِ، بل قد قالَ اللهُ فِي كتابِه: {وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ} [لقمان: 19] وقالَ فِي كتابه: {وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا} [الفرقان: 63] بِسَكينةٍ وَوقارٍ، وإنَّما عِبادةُ المُسلمينَ الرُّكُوعُ والسُّجُودُ.

بلِ الدُّفُّ والرَّقْصُ لم يأمُرِ اللهُ به ولا رَسولُه ولا أحدٌ مِن سَلَفِ الأُمَّةِ. قالَ: وأَمَّا قولُ القائلِ هذه شَبَكةٌ يُصادُ بها العوامُّ فقد صَدَقَ، فإنَّ أكْثَرَهُم إِنَّما يَتَّخِذُونَ ذلكَ شَبكةً لأجلِ الطَّعامِ والتوانُسِ عَلَى الطَّعامِ، كما قالَ اللهُ -تَعالَى- : {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡأَحۡبَارِ وَٱلرُّهۡبَانِ لَيَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۗ وَٱلَّذِينَ يَكۡنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلۡفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ} [التوبة: 34] .


الشرح