وَمَنْ فعلَ هذا فهُوَ مِن أَئِمَّةِ الضَّلالِ الَّذِينَ قيلَ فِي
رُؤُوسِهم: {وَقَالُواْ
رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠
٦٧رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا
٦٨} [الأحزاب: 67- 68]
.
وأَمَّا الصَّادِقُونَ مِنهُم يَتَّخِذُونَه شبكةً، لكِن هي شَبَكةٌ
مُخَرَّقَةٌ، يَخرُج منها الصَّيدُ إذا دخلَ فِيها، كما هو الواقعُ كثيرًا، فإنَّ
الَّذِينَ دَخلُوا فِي السَّماعِ المُبتدَع فِي الطَّريقِ، ولم يَكُن مَعَهم أصلُ
شَرعِيٌّ شَرَعهُ اللهُ ورَسولُه، أَوْرَثَهُم أحوالاً فاسدةً.. انتَهَى كلامُه.
فهؤلاءِ الصُّوفِيَّة الَّذِينَ يتقرَّبُونَ إِلَى اللهِ بالغِناءِ
والرَّقصِ يَصْدُقُ عليهم قولُ اللهِ -تَعالَى- : {ٱلَّذِينَ
ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَهۡوٗا وَلَعِبٗا} [الأعراف: 51] .
· خُروجُهُم عَنِ التَّكاليفِ الشَّرعِيَّةِ نَتِيجَةً لِتَطَوُّرِ
التَّصوُّفِ:
6- وَمِنْ دِينِ الصُّوفِيَّةِ الباطلِ ما يُسَمُّونَهُ بالأحوالِ الَّتِي
تَنتهِي بصاحبِها إِلَى الخُروجِ عَنِ التَّكاليفِ الشَّرعِيَّةِ نتيجةً
لِتَطَوُّرِ التَّصوُّفِ، فقد كانَ أصلُ التَّصوُّف -كما ذكره ابن الجوزي-
رِياضَةَ النَّفسِ، ومُجاهدةَ الطَّبعِ، بردِّهِ عَنِ الأخلاقِ الرَّذِيلةِ،
وحَمْلِهِ عَلَى الأخلاقِ الجَمِيلةِ، مِنَ الزُّهْدِ والحِلْمِ والصَّبرِ،
والإخلاصِ والصِّدْقِ.
قال: وعَلَى هذا كانَ أوائِلُ القومِ، فَلَبَّسَ إبليسُ عليهِم فِي أشياءَ، ثُمَّ لَبَّسَ عَلَى مَنْ بَعدَهُم مِن تابِعِيهم، فَكُلَّما مَضَى قَرْنٌ زادَ طَمَعُهُ فِي القَرْنِ الثَّانِي، فزادَ تَلَبُّسُهُ عليهِم إِلَى أنْ تَمكَّنَ مِن المُتأخِّرينَ غايةَ التَّمكُّنِ، وكانَ أصلُ تَلبِيسِه عليهم أَنْ صَدَّهُم عَنِ العِلْمِ، وأرَاهُمْ أنَّ المقصودَ العَمَلُ، فلمَّا أطفأَ مِصباحَ العِلْمِ عِندَهُم تَخبَّطُوا فِي الظُّلُماتِ، فمِنهُم مَن أراهُ أنَّ المقصُودَ مِن ذلك تَرْكُ الدُّنْيَا فِي الجُمْلَةِ، فَرفَضُوا ما يُصلِحُ أَبْدانَهُم، وشَبَّهُوا المالَ بالعقاربِ، وَنَسُوا أَنَّهُ خُلِقَ للمَصالِحِ، وبالغوا فِي الحمل
الصفحة 1 / 27