{وَٱعۡبُدۡ
رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ} [الحجر: 99] وذلكَ أنَّ اليقينَ هُنا المَوْتُ وما
بَعدَهُ باتِّفاقِ عُلماءِ المسلمينَ، وذلكَ مِثْلُ قولِه: {مَا
سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ ٤٢قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ ٤٣} [المدثر: 42 - 43]
إِلَى قولِهِ تَعالَى: {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلۡخَآئِضِينَ
٤٥وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ ٤٦حَتَّىٰٓ أَتَىٰنَا ٱلۡيَقِينُ ٤٧} [المدثر: 45 - 47]
فهذا قالُوه، وهُم فِي جَهنَّمَ، وأَخبروا أَنَّهُم كانُوا عَلَى ما هُم عليهِ مِن
تَرْكِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ والتَّكذِيبِ بالآخرةِ، والخَوْضِ مع الخائِضِينَ؛
حتَّى أتاهُمُ اليقينُ، ومعلومٌ أَنَّهُم مع هذا الحالِ لَمْ يَكُونُوا مُؤمِنينَ
بذلكَ فِي الدُّنْيا، ولم يكُونُوا مع الَّذِينَ قالَ اللهُ فيهم: {وَبِٱلۡأٓخِرَةِ
هُمۡ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4] وإنَّما أرادَ بِذلِكَ أَنَّهُ أتاهُم ما يُوعَدُونَ، وهو
اليَقِينُ. انتهى.
فالآيةُ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ العبادةِ عَلَى العبدِ مُنذُ بُلوغِهِ سِنَّ
التَّكليفِ عاقلاً إِلَى أنْ يَمُوتَ، وأَنَّهُ ليسَ هناك حالٌ قبْلَ الموتِ يَنتهِي
عندها التَّكلِيفُ كما تَزعمُهُ الصُّوفِيَّةُ.
***
الصفحة 4 / 27